أمريكا.. الخروج من الجغرافيا والتاريخ

  • 3/20/2016
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

يبدو أن الرئيس اوباما، الذي وردت آراؤه في مقال نشره جفري جولدبرج في مجلة (الاتلانتك) الشهرية، يعتقد أنه يسدد الركلة الأخيرة على باب أمريكا المفتوح على الشرق الأوسط، فهو يريد أن يكتب فصلا جديدا للسياسة الأمريكية في المنطقة عبر الرؤية الشاملة، أو ما يسميه: (عقيدة اوباما)، أي الخروج من الجغرافيا والتاريخ للمنطقة. عادة لفتح الأبواب وإغلاقها آداب وأخلاقيات متعارف عليها، كأن تغلق الباب بهدوء، أو تمسك الباب لشخص آخر، وفي الأشهر الأخيرة يبدو أن اوباما لا يهمه أصدقاء أو حلفاء، ما يهمه أن يدخل التاريخ مغلقا الباب بقوة يتردد صداها عبر التاريخ، ويهمه أيضا خدمة المصالح الأمريكية الإسرائيلية بالدرجة الأولى، وهكذا يرد الجميل لأصدقائه في جماعات اللوبي الإسرائيلي، تقديرا للدور الذي قاموا به لدعمه كي يدخل التاريخ. هذا ليس تبسيطا للأمور، بل هو التفسير القوي لسلوك اوباما، أو دبلوماسية الأقدام التي يجيدها ليبعث عبرها الرسائل الرئاسية! فالحديث بهذه الصورة مع الأصدقاء والحلفاء لم يُعرف عن رئيس أمريكي سابق، فهناك عادة فصل بين ما هو للرئيس (كشخص) وما هو للبيت الأبيض ولسدة المسؤولية وللمصالح بين الشعوب. وربما ما يهمنا من عقيدة اوباما هو إعلانه مرة أخرى ضرورة خروج أمريكا من الشرق الأوسط، وما يهمنا هنا: هل أمريكا فعلا ترغب الخروج من الشرق الأوسط، وما هي الآثار والتطبيقات السياسية المترتبة على ذلك؟ الإجابة عن السؤال تهمنا نحن شعوب المنطقة. المنطقة عانت ولقرون عديدة من تدخلات القوى العظمى في شؤونها، فقدرنا أننا في قلب الجغرافيا العالمية. الثروات الطبيعية من النفط والغاز اضافت أهمية أخرى كبرى للمنطقة، وهذا أغرى قوى الاستعمار والهيمنة لان تفرض حضورها بالحديد والنار. نحن نتمنى ألا ترى القوى العظمى، بالذات أمريكا، أية مصلحة لها اقتصادية أو سياسية في المنطقة وتتركنا في شأننا. كل الصراعات والحروب التي نراها الآن هي امتداد لاتفاقية (سايكس بيكو) التي قسمت المنطقة وأنهت السلام، كما يقول المؤرخ الأمريكي دايفد فرامكن في كتابه الوثائقي العام، (سلام ما بعده سلام: ولادة الشرق الأوسط). أيضا نحن نتمنى أن تستطيع أمريكا الاستغناء عن نفط وغاز المنطقة، وربما عن نفط وثروات العالم. يهمنا ويسعدنا أن نرى أمريكا قوية اقتصاديا وسعيدة اجتماعيا.. وتواصل (قوتها الناعمة) لخدمة الإنسانية. عندما نرى أمريكا نستخدم الجزء الأكبر من المنظار الذي يجعلنا نرى عن قرب وبوضوح الأشياء المفيدة والجميلة في أمريكا، وليس كما يفعل الرئيس اوباما الذي يقلب المنظار ليرى الأشياء البعيدة السيئة في الشرق الأوسط، وفي العالم. كثيرون في الشرق الأوسط ربما يتذكرون كيف انخدعوا بتلك الروح الإيجابية التي رأوها في الرئيس اوباما وهو يبشر بازدهار الحلم الأمريكي ليعم العالم، بالذات الشرق الأوسط. وأكثر المتألمين الآن من عقيدة اوباما الجديدة التي اصَّل فيها سياسيا وعقائديا ظاهرة الإرهاب والتطرف في العالم وربطها بالأصدقاء والحلفاء.المتألمون هم (بعض) النخب الذين وضعوا أنفسهم في تحالف تام وكبير مع القيم والمصالح الأمريكية، دافعوا عنها وبشروا بها، وعقيدة اوباما الجديدة الآن تصفعهم وتحرجهم! من حق أمريكا أن تقرر مصالحها وتخرج من المنطقة جغرافيا وتاريخيا (حقبة اوباما العظيمة)، ولكن ليس من حقها هدم البيوت على أصحابها، كما دعمت وشجعت الربيع العربي الذي لم يخدم سوى: إسرائيل وإيران! وهنا هل يجوز أن نقول: فتش عن اوباما!

مشاركة :