الدهشة شعور قد يخف كلما كبرت وزادت تجاربك الحياتية، وهو شعور قد تفتقده عندما تدخل في روتين يومي يبعدك عن اكتشاف الجديد ويبعدك خطوات عن المعرفة التي قد تحصرها بين دفتي كتاب مدرسي رغم أن أفقها واسع بسعة هذه الأرض المتحركة والكون الذي تجهل مجراته. قد تكتشف حلاوة الدهشة واكتشاف الجديد حين تتأمل في طفل يحبو يحاول أن يمسك بكل ما يعترض طريقه، يضعه في فمه يرميه على الأرض ليسمع صوت ارتطامه، يمسكه بيده ليهزه، وتكتشفها حينما تكبر مساحة الحركة لدى هذا الطفل ليأخذ خطواته الأولى ويبدأ باكتشاف أشياء أكثر، يمسك بأغراض منسية على الطاولة، يخرج كل المناديل من علبة المناديل ويجمعها حوله في فوضى منعشة أحيانا، يفتح صفحات مجلة مهتما بحفيف الورق قبل أن يكبر قليلا وتجذبه الصورة وتسرقه الكلمة، وحين يبدأ الطفل بتكوين جمله وحروفه تجد تلك الأسئلة المتتابعة فهو يريد أن يعرف، وكل شيء يلفت نظره ويستحق أن يسأل عنه قد ترى عيناه أمورا كثيرة تغفل عنها أنت لأن ذهنك مشغول عن تنبيه حواسك كي تتأمل كي ترى وتسمع وتشم. يحصر البعض الطفولة بالعفوية والبراءة والانطلاق لذلك تجدهم يتحدثون كثيرا عن هذه الخصائص الثلاث ويتحسرون على فقدانها مع مرور الزمن، لكن الطفولة لها أبعاد كثيرة وأحد هذه الأبعاد هي مرحلة الدهشة والاكتشاف التي تتيح للطفل تعلم مهارات كثيرة في السنوات الأولى هذه المرحلة التي ينجح البعض في الإبقاء عليها مهما كبروا لذلك ينظرون لما حولهم بطريقة مختلفة ويحرصون على التعرف على كل جديد. كنت أنت هذا الطفل في زمن ما، ولعل هناك من توقف ليتأملك بعينين يملأهما الحنان وأمنيات صادقة بحياة سعيدة. متى ودعت هذه الدهشة؟ متى غادرت مرحلة الأسئلة ومرحلة الاكتشاف وفي أي مرحلة أنت الآن؟
مشاركة :