نكران الجميل مرض اجتماعي

  • 3/21/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

من أخطر أمراض المجتمعات إن لم تكن أخطرها مرض نكران الجميل أو منكر حسنة باللهجة الكويتية المحببة وهذا المرض ليس مرض يصيب جسم الإنسان يمكن علاجه بالوصفات الطبية والحبوب والمسكنات أو حتى العمليات الجراحية ليتوقف المرض أو يتماثل للشفاء لكان الأمر هين ويمكن معالجته كما سبق أن قلنا وهذه طبيعة البشر يمرضون ويشفون من الأمراض بإذن الله تعالى . ولكن نكران الجميل بالتناسي لا بالنسيان هذا هو المرض الذي يصيب كثير من أفراد المجتمعات على مستوي العالم ومجتمعنا الكويتي ابتلي بتناسى البعض لأصحاب الجميل ويتنكرون لهم والذي لم نكن نعرفه من قبل وإنما تفشى وسرى التناسي في مجتمعنا المتسامح والمتواصل مع بعضه البعض ولم يكن يعرف الأحاديث والكلمات التي تفرق بينهم مثل سريان المياه في الأنهار وفي نزوله من الجبال الشاهقة بغزارة الذي يسبب الفيضانات على الأرض وهذا ما يسببه المرض الاجتماعي في قلوب الناكرين للجميل في مختلف نواحي الحياة التي نعيشها يوميا فالأمثلة كثيرة على نكران الجميل خاصة لأصحاب الأيدي الخيرة والمساعدات للفقراء والمحتاجين بمد يد المساعدة لهم وهم أكثر عرضة لنكران الجميل الذي قدموه لهم ولا حمد لله ولا شكر لهم . كما أن نكران الجميل يحدث بين بعض الأصدقاء بالتنكر بما يقدمه الصديق لصديقه في وقت الحاجة والضيق ويتناسى وليس ينسى ما قدمه له في يوم كان سواء في ضائقة مالية أو حل مشكلة يصعب حلها والنسيان ليس له مكان في الإعراب في جميع قواميس العالم العربية والأجنبية إلا إذا كان النسيان في تأخر مواعيد اللقاء بين الأفراد لمدة دقائق أو ساعات أو نسيان مواعيد السفر بالساعة وليس باليوم أو أحيانا نسيان شيئا ما يفقده ولا يعرف في أي مكان فقده ويبحث عنه في الأماكن التي ذهب إليها إلى أن يعثر على هذه المفقودات وهذا شئ طبيعي ومقبول وأحيانا ينسي الإنسان مواعيد تناول الحبوب والمسكنات بتوصية من الأطباء والصيادلة في مواعيدها . ولكن نسيان تسليف المال على سبيل المثال من شخص لآخر لا يمكن نسيانه وإنما يتناسى باعتقاد الشخص أن الذي تسلف منه نسي أنه سلفه المال وهذا الأمر يسبب مشاكل كثيرة وخصومات وقطع علاقات ودية بين أطراف متحابين في يوم من الأيام ولا أريد هنا أن أتوسع بالحديث عن النسيان والتناسي والفرق واسع بينهما مثل الفرق بين السماء والأرض وعلى الأقل الاعتذار المهذب بالتأسف لا التهرب حتى من الاعتذار بالقول . ما علينا أن كل ما ذكرناه عن النسيان والتناسي في نكران الجميل من طبيعة البشر وهو كما قلنا أخطر أمراض المجتمعات الذي لا علاج له طبيا وإنما علاجه التفكر في ما نقوله ورد الجميل إلى من يستحقه لا التنكر له . ولكن المهم جدا نكران الجميل للأوطان والشعوب التي لها فضل كبير على الذين يتناسون ولا ينسون وهنا يبرز التناسي لا النسيان ومهما يصيب الإنسان أو يتعرض له بالتناسي السلبي وليس بالنسيان الإيجابي أحيانا فإنه يظل مرضا خطيرا يصيب بعض أفراد المجتمع وبعض الدول التي تتنكر لمن أسدى لها العون والمعونة في وقت الشدة والعسرة والضيق والوقوف بجانبها بالسراء والضراء والتي تنكرت للكويت المحررة بجميلها عليهم والغزو العراقي الغاشم على الكويت عام 1990 خير مثل وشاهد على ما نقول بالتناسي والنسيان معا المقصود لدولة الكويت . والتنكر لجميل الوطن الذي يرعى مواطنيه ويهتم بهم ويعيشون في أرضه وعلى ترابه الطاهر معززين مكرمين يحملون جنسيته ويسافرون بجواز سفره ويستمتعون بمياه بحره الزرقاء ويتواصلون بين أفراد مجتمعه بالمحبة والإخاء والصداقة ويعالجون في مستشفياته ويدرسون ويتعلمون في دور العلم وينالون شهاداتهم العلمية ويتمتعون بالحرية وبالديمقراطية والأمن والأمان ويمارسون حقوقهم على أحسن ما يرام ويعملون في قطاعاته المختلفة وعندما يتقاعدون تستمر رواتبهم الشهرية حتى أثناء فترة الغزو العراقي لم تتوقف مساعداتهم المالية ومع ذلك يتنكر البعض بنكران الجميل لوطنه وأفراد مجتمعه وماذا نقول عن الذين ينطبق عليهم منكر حسنة لأوطانهم . وكذلك نكران الجميل لدول العالم التي لها فضل كبير على ما قدموه لوطننا الكويت لمن يتناسى فضلهم علينا ويقولون عنهم كلام لا يصح أن يقال أو يتخذون مواقف ليس لها ما يبررها إطلاقا ولا نقول إلا لا حول ولا قوة إلا بالله العلي القدير ومتى نتخلص من مرض نكران الجميل بالتناسي وليس بالنسيان آمل ذلك . يبقي القول أن حديثنا عن نكران الجميل ليس حديث فلاسفة ولا حديث خزعبلات وأفكار خيالية من صنع الذي يتحدث عنها وكما أنها ليست تعابير كلامية بالفرق بين النسيان والتناسي وإنما استوحيناه من الواقع الذي نعيشه ومن المشاهدات لأمور نحن صنعناها بأنفسنا لنجد التبرير للهروب من النسيان إلى التناسي عندما تلتقي على سبيل المثال مع شخص كنا قد سلفناه مثلا مبلغا من المال على أن يسترجعه في وقت محدد بين الطرفين ليقول أحد الطرفين أرجو المعذرة لتأخري بسداد المبلغ المالي على في موعده مضيفا لماذا لم تذكرني فقد نسيت وهذا هو التناسي بعينه والخطر الذي لا معنى له ولا طعم في هذه العادة المرضية في هذه المجتمعات التي تفرق بين أفراد المجتمعات والشعوب وحتى الدول لذلك سيظل البعض في هذا العالم ضحية التناسي ونكران الجميل بالتناسي لا النسيان وكونوا حذرين جدا من المتناسيين الذين لا يهمهم إلا مصالحهم الشخصية فابتعدوا عنهم واحذروهم . يبقي علينا ونحن نتحدث عن المرض الاجتماعي نكران الجميل ألا يغيب عن بالنا بالتحدث بالكلمة الحسنى لمن يستحق هذه الكلمة إذا كان في صالح الوطن ونركز أكثر من مرة في صالح الوطن فيجب أن تكون كلمتنا واحدة وقلوبنا موحدة ولا نخرج عن الاتفاق الجماعي لصالح الوطن لأن هذا الوطن عزيز وغالي وعلينا ألا نعكر صفوه وصفو محبيه أفرادا ودولا . لكل ذلك علينا أن نبتعد عن نكران الجميل لمن يستحق منا الجميل وقول كلمة الحق في حقه لا أن نتناسى أفضالهم علينا في يوم كنا محتاجين لأفضالهم واليوم مع الأسف الشديد ننكر جميلهم فالركادة مهمة جدا في مواقفنا وآرائنا وتصريحاتنا وتعليقاتنا لتكون في صالح الوطن وليس في تعكيره يا أحبائي الأعزاء وسلامتكم . بدر عبد الله المديرس al-modaires@hotmail.com

مشاركة :