رندة تقي الدين: قلق السلطات الفرنسية من انتقال الصراع الإسرائيلي للساحة الفرنسية

  • 11/7/2023
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

ابدى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون كما اغلبية النواب الفرنسيين تضامنا كاملا مع إسرائيل وتنديدا شديد اللهجة لحماس اثر عملية طوفان الأقصى على الكيبوتس الإسرائيلي . فكان الشعار الرسمي الفرنسي بعد ذلك ان لإسرائيل الحق بالدفاع عن النفس وعلى جميع الدول العربية ادانة حماس " المنظمة الإرهابية " وحق إسرائيل بالرد دون أي دعوة لوقف اطلاق النار. حتى ان التضامن التام الفرنسي مع إسرائيل في البداية تخلى أي إشارة للقضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني . خلال زيارته الى إسرائيل ابتكر الرئيس الفرنسي فكرة انشاء تحالف دولي ضد حماس على غرار التحالف الدولي ضد داعش . لكنه بعد لقائه مع العاهل الأردني الملك عبد الله ثم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي سرعان ما تراجع عن هذه الفكرة مستبدلا إياها بتحالف دولي للأمن والسلام دون الخوض في تفسير مضمون هذه الفكرة . لكن الوضع الداخلي الفرنسي حيث في فرنسا اكبر جالية يهودية مع ٧٠٠ الف يهودي واكبر جالية مسلمة مع اكثر من ٥ مليون مسلم أدى الى اضطرار الرئيس الفرنسي والسلطات الفرنسية عموما السعي الى بعض التوازن في الموقف بعد الانحياز الكامل الى الدولة العبرية . فالتوتر السائد على جبهة الوضع الداخلي مع تعبئة الجالية اليهودية ضد الفلسطينيين وحماس مقابل شعور جالية مسلمة بالظلم ومنع المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين نتيجة هجوم وحشي إسرائيلي على مدنيي غزة وقتل الاف الأبرياء من الأطفال والنساء حتى ان امين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قال ان غزة ستتحول الى مقبرة أطفال اضطر الرئيس الفرنسي الى السعي الى اجراء بعض التصحيح في الموقف الفرنسي . فقد عمد الى تنظيم مؤتمر دولي انساني لغزة ينظم يوم الخميس وتشارك فيه المنظمات الدولية ودول عدة داعيا الى هدنة إنسانية يتبعها وقف اطلاق نار حسب ما قالته وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا خلال زيارتها الى قطر وابوظبي . لكن ماذا ينتج عن مؤتمر دولي انساني لغزة دون وقف القتال الإسرائيلي على غزة حيث سيارات الإسعاف ومدارس الاونروا التي تمثل ملجأ وحيدا للشعب الغزاوي تتعرض لقصف إسرائيلي وحشي . مما لا شك فيه ان الانتقام الإسرائيلي لما قامت به حماس في الكيبوتس يوم ٧ أكتوبر هو عقاب وحشي لابرياء فلسطينيين مدنيين عاشوا تحت بؤس وحصار من السلطة الإسرائيلية لمدة عقود . صور مجازر غزة المروعة تنشر على شبكات التواصل الاجتماعي رغم منع أي صحافي او مصور إجنبي الدخول لتغطية ما يجري . والصحافيين الفلسطينيين يتعرضون الى القتل من الإسرائيليين لاخفاء الحقائق . لكن حقيقة ما يجري تصل الى الجاليات من اصل عربي في كل من فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا وكندا والغرب كله .ما ايقظ مشاعر الثورة على الانحياز الغربي لإسرائيل من شباب اكبر جامعات عالمية . وفرنسا معرضة بشكل خاص كونها تملك اكبر جالية مسلمة واكبر جالية يهودية لنقل هذا الصراع على أراضيها . ان العمليات الإرهابية التي تكررت في فرنسا في مدارس وأماكن سياحية او كنائس من مجرمين متطرفين ارتكبوا جرائم وهجمات إرهابية باسم الإسلام خلقت حالة من التطرف والتشدد والتعصب إزاء الإسلام في فرنسا كأن المسلمين فيها مسوؤلين عن الإرهاب الذي ارتكبه بعض المهاجرين او مشاغبين ومجرمين من اصل عربي عموما شمال افريقيا . فالتوتر يسود الوضع الداخلي والانحياز الفرنسي للدولة العبرية لم يكن موقف صالح لمعالجة التطرف من الجهتين اليهودية والمسلمة ما اضطر ماكرون الى السعي الى تنظيم هذا المؤتمر الإنساني وبدئ العودة الى الحديث عن ضرورة العودة الى المسار السياسي وحل الدولتين علما ان ليس لفرنسا وزن يخولها للعب دور أساسي على هذا الصعيد فهو يعود أساسا للولايات المتحدة. والبرلمان الفرنسي حاليا على وشك التصويت على قانون جديد للهجرة اكثر تشددا مما كان عليه. هناك أوساط يسارية مقاومة له علما انه اكثر تمشيا مع متطلبات الامن الداخلي . فالجرائم الأخيرة التي ارتكبت أخيرا في فرنسا كانت على يد شيشان مهاجرين لم يحصلوا على اذن اللجوء الى فرنسا وبقوا على الأراضي الفرنسية لانهم دخلوها قبل سن خمس سنوات. فالقانون الجديد يهدف الى تغيير ذلك وطرد كل اجنبي مهاجر مشاغب وملاحق دون استثناء. فامن فرنسا على المحك على جميع الأصعدة لذا رغب الرئيس الفرنسي استعادة بعض التوازن في موقفه ولو ان لا معنى لمؤتمر انساني ما زال شعب غزة واطفالها يموتون بالمئات يوميا تحت القصف الإسرائيلي .

مشاركة :