هكذا عبر الشعراء عن أحلام وطموحات الشباب

  • 11/8/2023
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

لطالما كان الشباب عماد الوطن ونبض قلبه وشريان حيويته المتجدد، فالشباب هم لبنة بناء التقدم، ونطفة تشييد المجد، ودُرة ما تختزنه الأمم لمواجهة المحن والأزمات، ولأن الشعر ضمير الأمة ولسان حالها، ولغة التعبير الحقيقية عن أمالها وأحلامها، نجده احتفي بعمادها شبابها وزهي بمجد أبنائها، وفخر وافتخر بكل ما وصلوا إليه من انجاز وتقدم... بالسياق التالي وفي ظل إطلاق السعودية على العام الحالي (2023) عام الشعر العربي، واحتفاءًا بدوره الحضاري وقيمته المحورية في الثقافة العربية، سيدتي، التقت الشاعر والأديب علي الشيمي عضو اتحاد كتاب مصر في حديث حول كيف عبر الشعراء عن أحلام وطموحات الشباب؟الشعر يعبر عن أحلام وطموح الشبابالشباب عماد الوطن ونبض قلبه وشريان حيويته المتجدد (ألمصدر: pexels by rdne-stock-project)يقول علي الشيمي لسيدتي: الشباب أمل الأمة، وقلبها النابض، وهذا ما أدركه الشعراء على طول الزمان ولذلك فقد كانوا دائمًا ما يوجهون ناظريهم شطر الشباب آمالهم وأحلامهم، يعبرون عن أفكارهم وتطلعاتهم ويرصدون وهجهم وتألقهم، ويشجبون تراخيهم وتكاسلهم، ويتعاطفون مع إخفاقاتهم وتخاذلهم، فهم يتوسمون فيهم الهمة والحيوية والنشاط والأمل والمستقبل، فنجد الشاعر المصري الكبير محمود غنيم يناديهم لمعرفته بذلك قائلا:يا شباب العلمِ في الوادي الأمينْأشرقَ الصبحُ فهزوا النائمينْمصر ترجو منكمُ جيلا فتياسالمَ البنيَةِ مقداما قويالا ضعيفا خائر العزم عيياكتب الذلّ على المستضعفينْأمة شاعرةالشعراء يعبرون عن آمال وطموحات الشباب بالشعر (ألمصدر: pexels by rdne-stock-project)- لطالما كانت أمة العرب أمة شاعرة شابة .. هل تجد الشعراء الشباب قديما هم من حملوا لواء الشعر العربي ونهضوا به أم شيوخهم وجهابذتهم؟يؤكد الشيمي أن نهضة كل شئ تقوم بسواعد الشباب، وكذلك الشعر العربي قام قديمًا، ويقوم اليوم، وسيقوم في المستقبل، على أكتاف الشباب، فدولة الشعر العربي ولدت شابة ولا زالت وستظل مهما مر عليها الزمان فتيّة نابضة الوجدان، متدفقة حياة وحيوية، فقديمًا حمل الشباب رسالة الشعر على أكتافهم، بدءًا من امرئ القيس الملك الضّليل، وطرفة بن العبد البكري أحد أساطين الشعراء الشباب الذي قتل وعمره ستة وعشرون عاما، وهو الذي يقول عنه العرب "أشعر الشعراء ابن العشرين" ، ومعلقته (وهي ملعقة زاخرة بلآلئ الحكم، وغرابة الألفاظ، وروعة المعاني) مطلعها:لِخولَةَ أطلالٌ ببُرقة ثهمَدِتلوحُ كباقي الوَشمِ في ظاهرِ اليدِومن أصدق أبيات الشعر العربي كذلك قول طرفة بن العبد بأحد القصائد عندما كان شابًا وكان حكيمًا بالفطرةسَتُبْدِي لَكَ الأيَّامُ مَا كُنْتَ جَاهِـلاًويَأْتِيْـكَ بِالأَخْبَـارِ مَنْ لَمْ تُـزَوِّدِوصولا إلى أبي القاسم الشابي شاعر الحرية الشاعر الوطني الثائر على الاحتلال الذي يقول من بحر المتقاربخلقت طريقا كطيف النسيموحرا كنور الضحى في صباهتغرد كالطير أين اندفعتَوتشدو بما شاء وحي الإلهوهو القائل أيضا:إذا الشعب يوما أراد الحياةفلا بد أن يستجيب القدرفلا بد لليل أن ينجليولا بد للقيد أن ينكسرولذلك فالشعراء الشباب هم من حملوا لواء الشعر بجدارة، وارتفعوا به لعنان السماء، حتى وإن كانوا صعدوا على أكتاف سابقيهم ليرَوا أبعد منهم، فقد سُمع عن أحد الشعراء المعاصرين أنه قال: " لقد صعدتُ على أكتاف نزار ولكني رأيتُ أبعدَ منه".- مواضيع تهم الشباب وكيف تناولها الشعراءأبدع الشعراء بقصائدهم عن الشباب (ألمصدر: pexels by rdne-stock-project)هناك الكثير من الموضوعات التي عرج إليها الشعراء الكبار يستنهضون همة الشباب فحيث آمن الشاعر محمود غنيم (الذي ذكرناه آنفًا) بدورهم في الحياة ناداهم، وحثهم على اليقظة الدائمة، والاهتمام بصحتهم، واستنهض همتهم وجذوة طاقتهم المشتعلة دائما، ونصحهم بالتمسك بالشجاعة والإقدام، فالكبار مدركون أنه بالشباب ينهض كل شيء، وبهم يتحقق التقدم والازدهار في شتى المجالات، فالأمم بالحروب لا تقوم انتصاراتها إلا على أكتاف شبابها، فهم حملة لواء المجد والفخار، وبهتهم تتحقق العزة باقتدار.- كبار الشعراء يعبون عن الشبابوقد وطئ كبار الشعراء العديد من المجالات التي تهم وتعن للشباب فهم تارة يجزلون فى الإشادة بهم وبقدراتهم، وتارة يكيلون النقد لتراخيهم وقلة صبرهم، وتارة يذكرونهم بمجد آبائهم ويحثونهم على طلب العلم والولوج للمستقبل بأسلحة العصر وتكنولوجياته، وتارة يتناولون أخلاقهم ومثلهم، ثم ينغمسون في وصف شعورهم وأحاسيسهم... وهكذا فالشعراء ما فتئوا ينظمون قصائدهم للشباب في مختلف الموضوعات التي تتعلق بهم إما بهيئة النصح أو الدعوة، أو الفخر واستنهاض الهمة، أو الإشادة والثناء، أو الدعوة لمواجهة عزم الأمور بجسارة... وهكذا.- شباب الشعراء يعبرون عن أنفسهمأما شعراء الشباب أنفسهم فكغيرهم من الشعراء كانوا نبض أوطانهم، ولسان حال قضاياهم وقد عبروا عن كل ما كان يقع في حياتهم وحياة الآخرين من أحداث جارية كغيرهم من الشعراء حيث تدور دائرة نظمهم مدحا، وهجاء، وفخرا، ورثاء، ووصفا، وغزلا، وبسياق مواضيع وطنية، واجتماعية، وإنسانية، على أن اللافت أن ما يهم الشباب منهم الغزل، والشعر الوطني، والشعر التعليمي، كذلك فشباب الشعراء المعاصرين كثرما استلهموا التراث في قصائدهم، وعبروا عن قضايا أمتهم، وخاضوا بها حتى أنهم ما فتئوا يتألمون لآلامها، ويجددون أملها، وينشدون ترانيم فخرها، وهو ما برز مؤخرًا بكثير من الفضاءات الشعرية بعصرنا الحديث، فانظر مثلًا إلى شعراء كتارا على سبيل المثل، وشعراء جائزة البردة، وشعراء جائزة أمير الشعراء، وغيرها من شعراء الجوائز الذين تكون لديهم وسائل فنية عالية، ويطوعون ملكتهم الشعرية وفطرتهم البلاغية ليتسابقون ويسابقون ويعيدون المجد والألق والزخم لشعرنا العربي الأصيل، وهذه بعض أبيات من قصائد نظمها الشعراء بفترة شبابهم منها قول محمد بن إدريس الشافعي :بقدر الكَدّ تُكتسبُ المعاليومن طلبَ العُلا سهر اللياليومَنْ طلب العلا في غير كدٍّأضاعَ العمرَ في طلَبِ المُحالِومما قاله المتنبي للشباب يحث الشباب على طلب الأمجاد العالية، والمنازل السامية، فيطلب منهم أن يرفعوا سقف طموحاتهم، ولا يرضون بالدنى..إذا غامرتَ في شرفٍ مرُومٍفلا تقنعْ بما دُونَ النجومِفطعمُ الموتِ في أمرٍ حقيرٍكطعمِ الموتِ في أمرٍ عظيمِالشاعر والأديب علي الشيمي عضو اتحاد كتاب مصر- الصورة مرسلة من قبل الشاعر لسيدتيوبالنهاية يقول علي الشيمي: لا يمكننا إلا القول أن فترة الشباب من أروع الفترات التي يحزن الشاعر عليها إذا مرّتْ سريعا، ولم يحقق بها ما كان يأمل، ويتحسر على ضياعها، ويتمنى رجوعها حيث يقول أبو العتاهية إسماعيل بن القاسم بن سويد العينى العنزى :ألا ليتَ الشبابُ يعودُ يومًافأخبرُهُ بما فعلَ المشيبُ.

مشاركة :