السياسة الصناعية والمعضلة الثلاثية الاستراتيجية «1 من 4»

  • 11/9/2023
  • 00:28
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تكتسب السياسة الصناعية زخما في كثير من الدول، ويشير بعض الاقتصاديين إلى نموذج الصين بوصفه نموذجا ناجحا. في مواجهة تحديات مثل تداعيات جائحة كوفيد - 19 وشعبوية اللقاحات وعدم استقرار سلاسل الإمداد العالمية وعمليات التحول إلى انبعاثات كربونية صفرية صافية والمنافسة الجغرافية ـ السياسية، تجدد النقاش حول دور السياسة الصناعية والدعم الحكومي للشركات وقطاعات الأنشطة التي تعد استراتيجية. في رقصة التوازن بين تدخل الدولة وقوى السوق، يجب أن تعزف نغمة السياسة الصناعية بحرص، ويتساءل الناس عما إذا كان بإمكاننا الوثوق بالسوق الحرة وما إذا كنا نخشى أن تفقد الدول مزاياها الابتكارية. ويخشى صقور الأمن القومي من الاعتماد على خصومهم في الحصول على الموارد الضرورية مثل أشباه الموصلات والمستحضرات الطبية. في الولايات المتحدة، لم تعد السياسة الصناعية من المحرمات وأصبحت سمة رئيسة من سمات السياسة الاقتصادية لإدارة بايدن "بايدنوميكس". هناك دعم من الحزبين الجمهوري والديمقراطي لقانون إيجاد حوافز مساعدة لإنتاج أشباه الموصلات والعلوم CHIPS Act، الذي يهدف إلى تنشيط صناعة أشباه الموصلات في الولايات المتحدة. فأكثر من 90 في المائة من الشرائح المتطورة، بالغة الأهمية للدفاع والذكاء الاصطناعي، يأتي من مقاطعة تايوان الصينية، ما يثير مخاوف بشأن احتمال تعرض الصناعة الأمريكية للأخطار في حالة وقوع هجوم. وعلى أثر ذلك، تخصص حكومة الولايات المتحدة 39 مليار دولار من الدعم البالغ 280 مليار دولار لتصنيع أشباه الموصلات المتطورة والمقدم بموجب قانون إيجاد حوافز مساعدة لإنتاج أشباه الموصلات والعلوم. وتتسم السياسة الصناعية التي تتبعها إدارة بايدن بأنها بعيدة الأثر، ومن المقرر إنشاء مجمعين على الأقل لتصنيع أشباه الموصلات بحلول 2030. ويواجه متلقو التمويل شروطا كثيرة، مثل فرض حظر مدته عشرة أعوام على زيادة الطاقة الإنتاجية للشرائح المتطورة في الصين والالتزام بتوفير خدمات رعاية الطفل بتكلفة معقولة. وتشكل هذه السياسات جزءا من منهج أوسع نطاقا للسياسة الصناعية يشمل أيضا دعم الطاقة النظيفة بمبلغ 370 مليار دولار بموجب قانون خفض التضخم. في الوقت نفسه، تقدم اليابان دعما تتجاوز قيمته 500 مليون دولار إلى 57 شركة بهدف تشجيع الاستثمار المحلي ـ في إطار جهود الحد من الاعتماد على الصين. ويعمل الاتحاد الأوروبي على توسيع نطاق سياسته الصناعية ـ بما في ذلك عن طريق تخصيص 160 مليار يورو من صندوق التعافي من جائحة كوفيد - 19 للابتكارات الرقمية مثل الشرائح والبطاريات والتكيف المناخي. ونتيجة الدعم الهائل المقدم بموجب قانون خفض التضخم في الولايات المتحدة، دعا وزير الاقتصاد الإيطالي إلى اتباع منهج مشترك في الاتحاد الأوروبي لدعم القدرة التنافسية وحماية الإنتاج الاستراتيجي. بشأن التركيز على الشركات الوطنية الكبيرة فتشير "السياسة الصناعية" إلى الجهود الحكومية الرامية إلى تشكيل الاقتصاد عن طريق استهداف صناعات أو شركات أو أنشطة اقتصادية محددة من خلال الدعم، والحوافز الضريبية، وتطوير البنية التحتية، والقواعد التنظيمية الوقائية، ودعم البحوث والتطوير. ونظرا إلى أن السياسة الصناعية تشكل جزءا من استراتيجية النمو، تواجه الدول أهدافا متنافسة، مثل النمو الاقتصادي المستدام، واستقرار القطاع المالي والمالية العامة، وإقامة "الشركات الوطنية الكبيرة" التي في الأغلب ما تكون هدفا بارزا من أهداف استراتيجية النمو. ويرتكز تحقيق هذا الهدف على تعزيز الأمن القومي من خلال الاكتفاء الذاتي في القطاعات الأساسية، والنمو الاحتوائي والغني بفرص العمل، وتنشيط المجتمعات المتأخرة عن الركب، ومنظور الناخبين حول تدابير تنشيط قطاع الصناعة التحويلية .. يتبع.

مشاركة :