عند صدور ميزانية هذا العام، أكد معالي وزير المياه والكهرباء في مؤتمر صحفي أن 87% من فواتير المشتركين في خدمات الكهرباء لن تتأثر بالتغيير الجديد في التعرفة، وأن 52% من مشتركي خدمات المياه لن يدفعوا أكثر من ريال واحد يوميًا، وطمأن معاليه بأن معظم المستفيدين من خدمات المياه والكهرباء في المملكة لن يتأثروا بارتفاع التعرفة الجديدة التي تُعدُّ الأقل على مستوى العالم. فواتير المياه التي صدرت مؤخرًا لكثير من الناس؛ جاءت مخالفة لتلك التصريحات، فالارتفاع في فاتورة المياه وصل إلى أرقام فلكية، والزيادة تجاوزت الـ1000%، والتعرفة الجديدة غير مفهومة، وطريقة احتساب الاستهلاك غير واضحة، خصوصًا عند مقارنة كمية الاستهلاك السابق والمرتبط بالتعرفة السابقة للمياه مع كمية الاستهلاك الحالي والتعرفة الجديدة، ففي بعض الفواتير تجد أن كمية استهلاك المياه في المنزل تكاد تكون واحدة في فترتين مختلفتين، في حين أن الفرق في إجمالي التكلفة للفاتورة يكاد يصل إلى 10 أضعاف فاتورة المياه السابقة، بل إن بعض البيوت مهجورة، ولا يوجد فيها استهلاك أو تسريب، ومع ذلك فقد تضاعفت فاتورة المياه فيها. ارتفع سعر الوقود فاستوعب الناس الزيادة المنطقية وفهموا مستواها، والذي كان في معدل 25 ريالًا لتعبئة خزان السيارة ولم يكن هناك أي تحفُّظ يُذكر، وحينما ارتفع سعر التيار الكهربائي فهم الناس آلية الزيادة والمقارنة بين الاستهلاك السابق والحالي، وكانت الفروقات طبيعية ومعقولة، ولكن بالنسبة لفواتير المياه التي صدرت مؤخرًا فإن الزيادات كانت مضاعفة وغير منطقية، والأرقام كانت غريبة وغير طبيعية إطلاقًا، مما جعل الشكوك تشير إلى وجود خطأ في نظام الفوترة. لا جدال على أهمية ترشيد استهلاك المياه، والمحافظة على هذا المورد الحيوي، ولكن ليس بهذه الطريقة التي فيها الكثير من الظُّلم والجور، خصوصًا وأن المفاهمة مع الطرف الثاني محدودة، فعند اللجوء إلى الهاتف المجاني للإبلاغ عن رفع سعر فاتورة المياه وشرح المشكلة لهم، على أمل أن يأتيك رد بأن هناك خطأ مطبعي، تُفاجأ برسالة على جوالك تُفيدك بأنه قد تم إغلاق بلاغك، مما يعني أنه لا حل أمامك سوى السداد. الأسعار الأخيرة لفواتير المياه جعلت أحد أعضاء مجلس الشورى يدعو لإعادة النظر في هذه الأسعار، وذلك بعد موجة الاستياء الكبيرة من تلك الارتفاعات التي وصلت لها فواتير المياه مؤخرًا، هذا ولم يبدأ فصل الصيف بعد، فكيف سيصبح الوضع إن دخل فصل الصيف وتجاوزت درجات الحرارة في بعض المناطق الـ50 درجة مئوية. معدل استهلاك الفرد للمياه، والذي يُردِّده البعض، يكتنفه بعض الغموض، فهذا الاستهلاك هو استهلاك دولة مقسوم على عدد السكان، وليس استخدام السكان وحدهم، فلا يمكن أن يكون متوسط استهلاك الفرد في اليوم 300 لتر، ولا يبرر هذا المعدل إلا وجود الفرد في دولة تعد من أكثر الدول إنتاجا للنفط والغاز وغيرها من البتروكيماويات والمصانع الأخرى، فكل ذلك يساهم في وصول استهلاك الفرد لهذا المعدل الكبير والذي يُردِّده البعض. مواردنا المائية يتسرب 15% منها في الشبكة العامة، و13% منها في شبكات بعض المنازل، و7% في حدائق المنازل، فلماذا يدفع المواطن الذي يعيش في منزله الصغير تكاليف كل تلك التسريبات، والتي لا ذنب له فيها؟ ومع كل ما سبق ومع كل التحفظات والاستياء الذي قوبلت به تلك الفواتير، فإن معالي وزير المياه والكهرباء يُؤكِّد في تصريح نُشر له بالأمس في جريدة «المدينة»: أن التعرفة الجديدة للمياه في منتهى المعقولية، وهي أقل تكلفة من نصف قيمة فاتورة جوَّال فرد واحد من الأسرة، وأن التكلفة منخفضة جدًا جدًا، والتعديل في التعرفة هو للفت الانتباه. Ibrahim.badawood@gmail.com
مشاركة :