لم تكتفِ العناصر الإرهابية بمختلف فصائلها بنشر الخوف والرعب في أوساط المجتمعات، ولم تقف عند التكفير والتفجير، بل حرصت أيضاً على نشر الفتنة بين أفراد العائلة الواحدة، مما أدى إلى حدوث جرائم قتل متعددة بين أفراد العائلة، فخلال عام 2015 و2016 شهدت المملكة 5 جرائم قتل للأقارب فأحد هؤلاء الإرهابيين قتل خاله وآخر قتل والده وثالث قتل والدته وحاول قتل والده وشقيقه، وشملت حوادث القتل الأخرى أبناء عمومة من نفس العائلة. الفكر الإرهابي ممثلاً في (داعش) وبعد أن وجد محاصرة من قبل الجهات الأمنية لعناصره وإعلان عدد من القوائم للمطلوبين الذين كان لهم سوابق في عمليات لها صلة بالإرهاب سعى إلى استغلال ما تعاني منه بعض الأسر في مجتمعنا من سوء تفسير للقيم والتقاليد الاجتماعية وإهمال في التربية الأسرية مما ساهم في إيجاد جيل ذي صفات عدوانية فقد تربى على القسوة في التعامل والعنف اللفظي والجسدي ومصادرة حق التعبير أضف إلى ذلك فشله في المراحل الدراسية أتبعه بطالة ويأس وقنوط من المجتمع بشكل عام والأسرة بشكل خاص وقد ساهم ذلك كله في جعل أمثال هؤلاء غنيمة للمحرضين والإرهابيين الذين يبحثون عن قنابل متحركة (ليس لها سوابق) لنشر الرعب والخوف بين الآمنين وإغرائهم بأن في تفجير أنفسهم خلاص لهم من كل تلك المعاناة. خلافات الفكر موجودة بين أفراد الأسرة الواحدة غير أن هؤلاء الإرهابيين يسعون اليوم إلى أمر خطير للغاية وهو تغذية الفتنة بين أفراد الأسرة الواحدة من خلال استغلال مثل هذه الخلافات الفكرية وتعميقها لتتجاوز مرحلة الخلافات الفكرية والآراء السطحية وتصبح تلك الخلافات خلافات عقائدية تقوم على أساس الحب والبغض في الله كما تقوم على أسس الولاء والبراء ومع الوقت تتجاوز ذلك كله لتصل إلى مرحلة القطيعة ثم إطلاق بعض الأوصاف كاللبرالية أو التبديع ثم التكفير والردة والتي قد يتبعها القتل -لا سمح الله-. لعل الأحداث التي وقعت مؤخراً في هذا السياق جعلت كثيراً من الأسر تتنبه بشأن ضرورة متابعة ما يحدث من خلافات فكرية بين أفراد الأسرة وخصوصًا ما يتعلق ببعض الأحكام الشرعية، وقد أدى ذلك إلى قيام بعض أولياء الأمور إلى زيادة الحرص في متابعة الأبناء والاستفسار بشكل أكبر عن ما يشاهدون ويقرأون والسؤال عن أصدقائهم بل ومتابعة خروجهم ودخولهم من المنزل وهو ما لم يكن يحدث في السابق فالوقاية وإن كانت بهذا الأسلوب الذي قد لا يكون مناسباً للبعض خير من العلاج أو لا سمح الله في بعض الحالات خير من الندم إذ لا يكون هناك مجال للعلاج. أفراد العائلة الواحدة في مجتمعنا عليها أن تتكاتف وأن تراعي خطورة هذا الوباء العظيم وأن تعمل كل ما في وسعها للمحافظة على كيانها من الفتنة والمحافظة على أبنائها من الوقوع في مصيدة هؤلاء الإرهابيين. Ibrahim.badawood@gmail.com
مشاركة :