"الدفن".. دراما تواجه التحيز والعنصرية العرقية | | صحيفة العرب

  • 11/16/2023
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

أستوحي فيلم “الدفن” وهو فيلم درامي أميركي صدر في وقت سابق هذا العام، من قصة حقيقية، حيث يروي حكاية محامٍ يسعى لمساعدة رجل يدير شركة عائلته، المتمثلة في دار متخصصة في ترتيب مراسم الدفن، والتصدي لشركة عملاقة، مسلطا الضوء على العديد من القضايا الخاصة بالعدالة والقوة وخطورة غياب القيم المشتركة تحت سطوة بعض الظروف القاهرة. الفيلم الذي أخرجه ماجي بيتس، وكتبه بيتس ودوغ رايت، مبني على قصة حقيقية للمحامي ويلي إي غاري والدعوى القضائية التي رفعها موكله جيريميا جوزيف أوكيف ضد شركة “لووين” للجنازات، كما هو موثق في مقالة في صحيفة نيويوركر عام 1999 بقلم جوناثان هار. ويتألف طاقم عمل الفيلم من نخبة الممثلين، حيث يقدم جيمي فوكس أداءً مذهلاً في دور الرجل العادي الذي يتحدى النظام، ويتألق تومي لي جونز وجورني سمولت بأدوار قوية ومؤثرة، بينما يقدم النجم ألان روك أداءً مميزًا يضفي عمقًا إضافيًا على السياق الدرامي. الفيلم، الذي أخرجه ماجي بيتس، مبني على قصة حقيقية كما هو موثق في مقالة في صحيفة نيويوركر عام 1999 الفيلم، الذي أخرجه ماجي بيتس، مبني على قصة حقيقية كما هو موثق في مقالة في صحيفة نيويوركر عام 1999 وتتسم بعض المشاهد في هذه القصة الواقعية بالتنوع، حيث تظهر شخصيات ذات طابع رقيق وإرادة جبارة في نفس الوقت، وعلى الرغم من هذا التنوع إلا أن رؤية ماجي بيتس الساحرة تُضيف إلى الحكاية الأصلية تفاصيل استثنائية تجعل الفيلم أكثر إثارة، حيث تروي نواة الفيلم شراكة غير متوقعة بين الشخصيات التي تتحول إلى صداقة حقيقية. تنطلق الأحداث بشكل دراماتيكي قبل عدة أشهر عندما يقدم جيريمايا صاحب العديد من دور الجنازات والعامل في مجال التأمين على مراسم الدفن، مغامرة جديدة لصديقه المقرب مايك ألريد الذي أدى دوره آلان راك. إذ يتمثل الهدف من الرحلة في بيع ثلاثة دور جنازات إلى الرئيس التنفيذي راي لوين الذي جسده الممثل بيل كامب في فانكوفر كولومبيا البريطانية، ويبرز تتابع المشاهد أحداثًا مثيرة ومليئة بالتوتر، تعكس الرحلة المحفوفة بالمفاجآت والتحديات والتي تُضفي جوًا متناغما على تفاصيل القصة. يعد المشهد الذي يتم فيه التوصل إلى اتفاق على يخت لوين بإيقاع حيوي وسريع، اللحظة الفارقة في الفيلم، إلا أنه وبعد مرور أربعة أشهر، لا يوقّع لوين العقد مما يثير الشكوك بين الحاضرين، حيث يُعبر الشاب هال، الذي جسده ممادو آذي والذي أصبح محاميًا حديثًا وصديقًا للعائلة، عن شكوكه حيث يعتقد أن لوين ينتظر تطورات في قضية جيريمايا بينما كان لوين يُراقب بانتظار شكل جديد من التأثير الذي يعترض على مسار تتقاطع فيه الشهرة والسمعة، مما يجعل سلسلة دور الجنازات كلها متاحة للبيع بأسعار معقولة جدًا. ويقنع هال جيريمايا برفع دعوى قانونية ضد لوين، ولكن اقتراحاته لا تنته عند هذا الحد بل يقترح أيضًا أن يتم ذلك في مقاطعة هايندز التي يقطنها السود بشكل أساسي، لاستكشاف أساليب التعامل مع التمييز وعدم المساواة والعنصرية خلال فترة عرض الفيلم التي تمتد لمدة ساعة ونصف الساعة. ويبرز الفيلم بشكل واضح في قدرته على شفاء جيريمايا من آثار تأنيب الضمير القاسية ولكن القوة الفعّالة للفيلم تتجاوز ذلك، حيث يتألق فوكس في دور ويلي بصورة استثنائية ويجسد دورًا رئيسيًا يسهم إلى حد كبير في جذب الانتباه، كما يقدم مشاهد كوميدية ساخرة هي عادة ما تتميز بها أغلب أدواره السينمائية. ويتباطأ الإيقاع الزمني للأحداث في المشهد الذي يظهر فيه ويلي جدية في السعي لتحقيق أرباح جيدة. في المقابل، يقوم جيريمايا بأداء الوظائف الأساسية في الطرح الدرامي، وعلى الرغم من عمله ووجود عائلته الكبيرة التي تضم 13 طفلًا وزوجته باميلا ريد، تظل المعلومات المتاحة حول شخصيته غامضة باستثناء طابعه الهادئ الذي يمكن للممثل جونز تجسيده بسهولة واقتدار دائمًا، وحتى أطفاله لا يظهرون في القصة مما يجعلها تركز بشكل أكبر على الجوانب الأساسية لحياة جيريمايا وتفاعلاته. الفيلم يسلط الضوء على تاريخ العنصرية المروع في الجنوب مع تعرض مامودو بشكل واضح للتمييز كرجل أسود الفيلم يسلط الضوء على تاريخ العنصرية المروع في الجنوب مع تعرض مامودو بشكل واضح للتمييز كرجل أسود وتتنوع التفاصيل البارزة في تكوين اللقطات عندما نشاهد شريكة ويلي غلوريا الذي قامت أماندا وارن بتجسيده بطريقة مماثلة مع زملائه، وميم داونز التي جسدت دورها جورني سموليت، وهي محامية متميزة يستعين بها ويلي عندما يدرك حاجته إلى محامين سود لتحقيق النجاح في مقاطعة سوداء، تماما كما في استعراض هال الذي يظهر دون علمه أثناء اتصال ويلي، كاشفا إستراتيجيات معقدة ومتشابكة. تتطور علاقة ميم وويلي إلى منافسة ودية، حيث يبرز حوارٌ ينبض بالتوتر والازدراء بينهما يتضمن تبادلًا لتكتيكات حادة في المحكمة واتخاذ قرارات بارعة من قبل سموليت أثناء تجسيده لشخصية رجل أبيض بائس. من ناحية أخرى، يتيح هذا الفيلم للمتفرج الاستمتاع بلحظات من الفرح والمرح أثناء متابعة شخصية ويلي (جيمي فوكس)، حيث يظهر سحر الكوميديا السوداء. كما يتألق ويلي كشخصية ساخرة بامتياز، حيث يجمع بين الفخامة والكاريزما والقدرات الاستثنائية، ويُقدم ذاته بأسلوب فكاهي رائع. يُقدم فوكس أداءً جيدا لهذه العناصر، محترمًا دور ويلي دون التخلي عن جاذبيته الكوميدية. ويلفت ويلي الأنظار بفضل لغته وتناغمه السلس مع الشخصيات الأخرى، ويظهر ذلك بجلاء في المواجهة الكوميدية مع كامب في ذروة الأحداث، مما يبرهن عن مهارة الفيلم في تشكيل المعاني المتشابكة. يجمع السيناريو بين مواهب دوغ رايت وبيتس بشكل مقبول، مع إضافة لمسات بصرية فكاهية من خلال تصاميم الملابس الراقية، سواء كان ذلك في ظهور ويلي وزوجته بأناقة الأثرياء والمشاهير أو في تفاصيل بدلات ويلي الفاخرة. ويمكن القول إن الفيلم لا يتناول قضايا العرق بشكل أساسي ولكنه بالتأكيد يدرج التمييز على أساس العرق والعنصرية في سياق واسع، حيث تدور أحداثه في إطار قضية أو. جي. سيمبسون، ويتخذ ويلي حلمًا بمواجهة جوني كوخران، وهنا يسلط الفيلم الضوء على تاريخ العنصرية المروع في الجنوب مع تعرض مامودو بشكل واضح للتمييز كرجل أسود، كما تلعب الجمعية الوطنية البابتستية دورًا رئيسيًا في تطوير الحبكة الفيلمية. وقد يصنف البعض الفيلم ضمن أفلام المحاكمات التي تنتقد الرأسمالية التي تُخضع أصحاب المشاريع العائلية للشركات متعددة الجنسيات، وتستغل أموال الفقراء لتغذية شراهة رؤوس الأموال، ولكنه فيلم ينتقد الرأسمالية وينتقد آفة اجتماعية أخرى وهي العنصرية والتمييز على أساس العرق.

مشاركة :