مجتمعنا والعم معيض.. | إبراهيم محمد باداود

  • 3/24/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

مقطع الفيديو الذي انتشر مؤخرًا بعنوان: (جلد العم معيض)، والذي تضمَّن قيام أحد الأشخاص بضرب بعض الأولاد الذين كانوا يلعبون الكرة في أحد غرف المنزل يُعدُّ مثالًا واضحًا حول الدور الكبير الذي يمكن أن تلعبه وسائل التواصل الاجتماعية في حياتنا اليومية، بل ويلعبه الإعلام بشكلٍ عام بشأن بعض القضايا الشخصية، والتي يمكن أن تتحوَّل خلال دقائق معدودة إلى قضايا رأي عام، وتخرج عن الإطار الفردي أو الأسري إلى إطار المجتمع المحلي، بل وقد تصل إلى المجتمع الدولي في بعض الأحيان. لكنني لم أتخيَّل أن مشهد قيام الأطفال -بكل براءة- بتشغيل الكاميرا لتصوير مهاراتهم في اللعب، وقيام أحد الأشخاص بمنعهم مستخدمًا عصا- ولم ينتبه أن التصوير كان مستمرًا، وبعد هروب البعض وإيقاف اللعب، يعود الأولاد ليجدوا التسجيل يتضمن مشاهد الضرب التي لحقت بهم، فيقوموا بنشرها لبعض أفراد العائلة ولبعض الأصدقاء- يمكن أن يجد كل هذا الصدى والاهتمام في مجتمعنا، إذ ما هي إلا دقائق معدودة وإذا بالمقطع ينتشر بشكلٍ واسع على وسائل التواصل الاجتماعية، وخصوصًا على موقع تويتر، حيث قام البعض بعمل (هاشتاق) عن الموضوع، وأخذت التعليقات تتزايد بشكلٍ كبير، في حين تدخَّلت بعض الجهات الحكومية للتعليق على المقطع مُحذِّرة بعض الشركات من استغلال مثل هذه المواقف التي قد يظهر فيها تعنيف الأطفال للترويج لمنتجاتهم، كما تدخَّلت حقوق الإنسان في الموضوع، وتواصلت مع العم معيض، وانهالت الهدايا على الأطفال المُعنَّفين، في حين تم تكريم بعض منهم في مدارسهم، وانقسم بعض أصحاب المواقع الإلكترونية بشأن تأييد استخدام أسلوب الضرب في التربية أو رفضه. هكذا أصبح وضع مجتمعنا اليوم، وهكذا أصبح تأثير الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعية في حياتنا اليومية، إذ استطاع مشهد عائلي بسيط من تحريك مجتمع بأكمله؛ لم تتحرَّك وسائل التواصل الاجتماعية فيه للأحداث الإرهابية في بلجيكا، كما تحرَّكت بشأن جلد العم معيض. مشهد ما يُسمَّى بالعم معيض -والذي ظهر بأن اسمه الحقيقي غير هذا الاسم- وانتشاره بهذا المستوى الواسع، هو مُؤشِّر قوي عن نوع ومستوى القضايا التي يمكن أن تشغل المجتمع وتحرِّك سكونه، وهو مُؤشِّر عن ما يُمكن أن تفعله وسائل الإعلام ووسائل التواصل من تأثيرٍ يفوق بكثير بعض الوسائل الإعلامية التقليدية، بل ويفوق ما يُمكن أن تقوم به بعض وكالات الدعاية والإعلان، إذ أن كثيرًا من الأفلام التي يُكلّف إنتاجها مبالغ طائلة لم يصل انتشارها في المجتمع مثل ما وصل إليه انتشار مشهد العم معيض. Ibrahim.badawood@gmail.com

مشاركة :