ضرب الإرهاب بروكسل عاصمة الاتحاد الأوروبي، ووقع ما كان يخشاه البلجيكيون، بعد أن ضرب الإرهاب من قبل مدريد ولندن وباريس، جاء الدور على بروكسل، واستيقظ البلجيكيون صباح أمس على أنباء التفجيرات التي ضربت مطار بروكسل وإحدى محطات القطارات الداخلية وعرفت البلاد حالة من الفزع والارتباك والانتشار الأمني المكثف، وأظهرت عدة عواصم أوروبية عن تضامنها مع بلجيكا لمواجهة هذه الظروف الحرجة. «كنا نخشى هجوما إرهابيا وها هو وقع.. عمل جبان أعمى.. إنها لحظة سوداء ومحنة يجب أن نتجاوزها»، هذا ما قاله رئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشال في مؤتمر صحافي وأشار إلى رفع حالة الاستنفار الأمني في البلاد إلى الحالة القصوى «الرابعة»، وأضاف أن «هذا يعني اتخاذ إجراءات إضافية ونبحث الآن في هذا الأمر»، كما دعا المواطنين إلى الحذر والبقاء في المنازل وقال أيضا إن البلاد تمر بمحنة، ولا بد من التضامن خلال هذه المرحلة وفي نفس الوقت قال: «عازمون على ملاحقة المجرمين ومحاكمتهم، كما قدم التعازي لعائلات الضحايا». من جهته، قال المدعي العام الفيدرالي فردريك فان ليو: «إنه من المبكر الحديث عن عدد محدد من القتلى، ومن جانبها قالت مصادر إعلامية إن تفجيرات مطار زافنتم ببروكسل نتج عنها 11 قتيلا و35 جريحا، وأما تفجيرات محطة قطارات مالبيك، فقد أسفرت عن 20 قتيلا وعشرات من الجرحى، وبالتالي يكون هناك ما يقرب من 200 شخص ما بين قتيل وجريح حسب هذه المصادر». ووقع تفجير مطار بروكسل في صالة المغادرة بالقرب من موقع شركة بروكسل إيرلينز وأيضا الخطوط الجوية الأميركية وهما في نفس المكان تقريبا بعد خطوات من الباب الرئيسي لدخول المسافرين في مطار بروكسل، وهي أبواب لا يوجد بها ماسحات ضوئية للكشف عن المتفجرات أو الأسلحة وعلى الفور فرضت السلطات الأمنية طوقا أمنيا حول مطار بروكسل، كما تعطلت حركة السفر في المطار وإلغاء الرحلات وأيضا فرضت السلطات طوقا أمنيا حول محطة قطار مالبيك ببروكسل وهي قريبة من مقر مؤسسات الاتحاد الأوروبي وشوهدت سيارات الإسعاف وسيارات الشرطة والمطافئ تجوب شوارع بروكسل. في غضون ذلك، أعلن مسلحو تنظيم (داعش) مسؤوليتهم عن هجمات بروكسل التي وقعت أمس، حسبما ذكرت وكالة أعماق الإعلامية التابعة للتنظيم المتطرف. ونقل الموقع باللغة الإنجليزية أن «مقاتلي تنظيم داعش شنوا أمس سلسلة هجمات بأحزمة ناسفة وعبوات استهدفت مطارا ومحطة مترو في وسط العاصمة البلجيكية بروكسل، الدولة التي تشارك في التحالف الدولي ضد (داعش)». وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» قال أشخاص خرجوا عقب التفجيرات في محطة المترو إن المشهد كان مرعبا انقطعت الكهرباء وفتحت أبواب المترو لخروج الركاب في ظل حالة من الفزع والصراخ وبكاء الأطفال والهرولة للخروج من المكان بأسرع وقت ممكن». وأعرب عدد من المواطنين عن أسفهم لوقوع هذه التفجيرات، وقالوا إنهم سيظهرون كل أشكال الدعم والتعاون مع السلطات لتجاوز هذه المرحلة الحرجة، وقال البعض منهم إن السلطات الأمنية ليست وحدها التي تواجه تحديا واختبارا صعبا وإنما بلجيكا بأسرها. وجاءت التفجيرات بعد أيا قليلة من اعتقال صلاح عبد السلام المطلوب الأمني الأبرز على خلفية تفجيرات برايس التي وقعت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي وكانت السلطات البلجيكية وقتها قد أعربت عن مخاوفها من وقوع تفجيرات مماثلة في بروكسل وعادت من جديد عقب اعتقال عبد السلام لتتحدث عن احتمال وجود مخاطر إرهابية مما طرح الكثير من علامات الاستفهام على مدى جدوى حالة الاستنفار الأمني التي عرفتها البلاد خلال الشهور الماضية. ودعا رئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشيل، كل أطياف الشعب إلى الاحتفاظ بالهدوء وضبط النفس وإظهار التضامن في هذا الوقت الصعب الذي تواجهه البلاد. وفي أول مؤتمر صحافي يعقده ميشيل أمس، بعد عدة ساعات من وقوع الهجمات في مطار بروكسل الدولي وإحدى محطات المترو الرئيسية في مدينة بروكسل، شدد ميشيل، على أن الحكومة قررت رفع مستوى التأهب الأمني إلى المستوى الرابع، الأعلى على الإطلاق، وقال: «هناك إجراءات أمنية في طريقها إلى التنفيذ، خاصة إحكام المراقبة على الحدود الخارجية للبلاد، وتقييد حركة المواصلات العامة في العاصمة. وأضاف أن وزارة الداخلية قررت إعلان استنفار أمني، بينما نشر الجيش 225 عنصرا إضافيا في الطرقات، مما يرفع عدد عناصر الجيش في العاصمة إلى ألف عنصر. وطمأن ميشيل إلى أن السلطات السياسية والقضائية وقوات الشرطة تعمل بشكل منسق من أجل إدارة الوضع: «نحن مصممون على إدارة الوضع والتصدي لهذا الاختبار الصعب»، وفق كلامه وشدد على أن الأولوية الآن هي مساعدة الجرحى وإحصاء عدد الضحايا إلى ذلك، أعلنت وزارة الصحة استنفارا صحيا عاما، وأطلقت بعض المستشفيات نداءات للتبرع بالدم ورفض رئيس الوزراء الكشف عن أي معلومات متعلقة بهوية مرتكبي الأعمال الإرهابية، خاصة لجهة علاقة ما حدث اليوم، بعملية القبض على المدعو صلاح عبد السلام، والصلات المتوقعة بهجمات باريس التي وقعت في الـ13 من نوفمبر الماضي ولمّح رئيس الوزراء إلى أن السلطات كانت تخشى مثل هذا العمل، «حدث ما كنا نخشاه»، كما قال. وعلى الصعيد الأوروبي ومن هولاند التي تتولى حاليا الرئاسة الدورية الحالية للاتحاد الأوروبي، حيث حذر رئيس وزراء هولندا مارك روته مواطنيه من السفر إلى بلجيكا بعد تفجيرات في بروكسل. وقال روته في مؤتمر صحافي إنه تم تشديد إجراءات التفتيش التي يقوم بها الجيش والشرطة في المطارات ومحطات القطارات بمختلف أنحاء البلاد. لكن لم يتم رفع مستوى التهديد بوقوع هجمات في هولندا عن الدرجة الحالية وهي «كبير» ولا توجد أدلة ملموسة على تعرض البلاد لتهديد فوري، وفي برلين قال وزير الداخلية الألماني توماس دي مايتسيره إن الهجمات التي وقعت في بروكسل يوم الثلاثاء موجهة على ما يبدو ليس لبلجيكا وحسب وإنما للاتحاد الأوروبي وحرياته بالكامل. وأضاف في مؤتمر صحافي في برلين: «يبدو أن الأهداف الواضحة للهجمات - مطار دولي ومحطة مترو قرب مؤسسات تابعة للاتحاد الأوروبي - تشير إلى أن هذا الهجوم الإرهابي ليس موجها لبلجيكا وحسب وإنما موجه لحريتنا وحرية حركة وتنقل الجميع في الاتحاد الأوروبي». وعبرت المفوضية الأوروبية عن «التضامن مع الشعب والحكومة البلجيكية» عقب الهجمات الإرهابية التي طالت صباح أمس مطار بروكسل الدولي وإحدى محطات المترو الرئيسية في مدينة بروكسل. وقد أجرى رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، اتصالات هاتفية أمس مع كل من رئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشيل، ونظيره الهولندي مارك روتيه، الذي ترأس بلاده الدورة الحالية للاتحاد الأوروبي، وكذلك مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند. وأشار ماغارتيس شيناس إلى أن المفوضية الأوروبية رفعت مستوى التأهب الأمني إلى المستوى البرتقالي، فـ«ليس هو المستوى الأعلى، ولكننا نعمل بالتنسيق مع السلطات البلجيكية»، وفق كلامه. وشدد المتحدث على أن المفوضية تعمل بمقتضى التعليمات التي تقدمها السلطات البلجيكية، رافضًا، في الوقت نفسه، التحدث عن نقص في الاحتياطيات الأمنية. وأكد أن المفوضية ستتعامل مع التطورات الحالية دون تسرع وبتنسيق مع كل العواصم الأوروبية.
مشاركة :