بعض أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تقف على حافة أزمة ديون، فهناك عاصفة ديون تتشكل في بعض أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. فالديون تواصل تصاعدها في مختلف أنحاء المنطقة، وبلغت مستويات مرتفعة للغاية في عدة بلدان، وتواجه مصر والأردن وتونس وضعا صعبا، حيث يتأرجح استقرارها الاقتصادي، بينما تعاني في مواجهة أزمة ديون محتملة. أما لبنان، الذي يعاني بالفعل واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في التاريخ، فقد أصبح قصة ذات عبرة. وسلط تعثر لبنان في سداد ديونه أضواء قوية على التحديات الجسيمة المرتبطة بالديون في هذه البلدان وتداعياتها الأوسع نطاقا. ويثير تصاعد مد الديون، إلى جانب آفاق الاقتصاد العالمي الصعبة، عاصفة مكتملة، وقد تفاقمت هذه الأزمة بسبب ندرة التمويل بفائدة منخفضة وإحجام البلدان الثرية المنتجة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عن مواصلة الدعم المالي غير المشروط الذي كانت تقدمه في الماضي. وتؤدي الأوضاع الاجتماعية الصعبة التي تواجهها هذه البلدان إلى تفاقم هذه المعادلة المعقدة، ما لا يترك مجالا كافيا لعمليات ضبط مالي كبيرة. وبالتالي، فإن الحفاظ على استدامة القدرة على تحمل الدين يمثل تحديا هائلا لهذه البلدان، وتزداد صعوبته أكثر من أي وقت مضى. ولا يقتصر الخطر على آفاق النمو الاقتصادي، لكنه يهدد أيضا الاستقرار الاجتماعي - السياسي في هذه البلدان. ورغم أن المخاطر كبيرة، فوسط هذه الحقائق المريرة يكمن طريق ضيق للخلاص، لكن هذا الطريق يتطلب تدابير جريئة واستباقية لمعالجة أزمة الديون مباشرة. وحول الحديث عن منشأ الأزمة، فإن مشكلات الديون المتضخمة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عميقة الجذور، في مزيج من سوء الحظ والقرارات غير السليمة على صعيد السياسات. فكل من مصر والأردن ولبنان وتونس تواجه مجموعة متفردة من المشكلات، تتسم باختلاف المشهدين السياسي والاقتصادي، فضلا على التفاوت في تكوين ديونها المستحقة. ومع ذلك، هناك سمة مشتركة في المآزق التي تعرضت لها هذه البلدان. وقد أصبحت هذه البلدان مكبلة بمشكلات هيكلية مستمرة تتعلق بأطر الحوكمة والأطر التنظيمية، والاقتصادات الخاضعة لسيطرة الدولة، والقطاع العام المتضخم الذي يعوق نمو القطاع الخاص، وتعبئة الإيرادات المحلية المنخفضة، والدعم غير الموجه بدقة إلى المستحقين. وهذه مشكلات طويلة الأمد، ترجع في الأساس إلى عدم كفاية الإصلاحات. كذلك فإن اعتماد هذه البلدان على أسعار الصرف الثابتة، وتمويل الديون يسهمان أيضا في حدوث أزمة. وقد تفاقم الوضع بسبب التقلبات الاقتصادية العالمية والصدمات الأخيرة، مثل الجائحة، وتداعيات الحرب الروسية - الأوكرانية، وارتفاع أسعار الغذاء، ما يسهم في الارتفاع الحاد في مستويات الديون. وقد تفاقمت المشكلة بسبب التحديات الاجتماعية وانعدام الثقة بالحكومة التي تعوق التوزيع العادل لأعباء التعديلات الاقتصادية. ونتيجة لذلك، فقد تم استغلال الدين العام كحل مؤقت لسد الفجوة لتأجيل التعامل مع المشكلات الاقتصادية، لكن دون إيجاد حلول دائمة.
مشاركة :