مساع عراقية لتوسيع مشاركة القطاع الخاص في التنمية

  • 12/9/2023
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يسعى العراق إلى تخطي إحدى أهم العقبات في خطة الإصلاح التي تتبناها الحكومة والمتمثلة في إنعاش دور القطاع الخاص وتسليمه جزءا من برامج التنمية ومشاركة القطاع العام الذي أثبت أنه مازال بعيدا عن تجاوز محن عقدين من تراكم الأزمات. بغداد - تعتزم الحكومة العراقية سن تشريع يُفعّل الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وهو تحرك يرى خبراء أنه متأخر خاصة مع اتكاء المسؤولين لسنوات طويلة على ما يدره قطاع النفط من إيرادات. وتظهر الحاجة بشكل ملح إلى مساعدة القطاع الخاص في عملية تمويل التنمية لتحقيق أهدافها في مواجهة التحديات المحلية والعالمية، لاسيما مع كثرة مشاكل الدولة وضعف قدرتها على تحقيق تطلعات المواطنين على النحو المطلوب. ويجمع المحللون على أن ذلك يتطلب مناخ أعمال مستقرا وتشريعات وقوانين ملائمة، إضافة إلى مكافحة الفساد والبيروقراطية وتعزيز الشفافية والاستقرار الأمني. ويرى هؤلاء أن تحقيق هدف الحكومة يبدو صعبا في ظل تواصل الفوضى وضعف كفاءة المؤسسات التي تديرها المحاصصة الطائفية بعد اجتثاث الكفاءات التي يمكنها التعاون مع المستثمرين والشركات الأجنبية لتنفيذ المشاريع. عامر العضاض: سنسن تشريعا لدعم شراكات القطاعين العام والخاص عامر العضاض: سنسن تشريعا لدعم شراكات القطاعين العام والخاص ويكافح العراق الذي شهد حروبا وفترة حصار طويلة منذ أكثر من أربعة عقود بحثا عن حلول تساعد في تحفيز أصحاب الأعمال على ضخ أموالهم في مشاريع تسهم في تخفيض مستوى البطالة وتضيّق دائرة الفقر وتدفع عجلة التنمية منذ الغزو الأميركي في 2003. وسعى مستشار رئيس الوزراء عامر العضاض هذا الأسبوع إلى التخفيف من امتعاض المستثمرين بالتأكيد على أن الحكومة مستعدة لمعالجة التحديات والمشاكل التي تواجه الشركات الخاصة. وأكد خلال ورشة عمل أقامها مكتب رئيس الوزراء لخلية إدارة الإصلاح بالتعاون مع لجنة الاستثمار والتنمية النيابية تحت عنوان “الشراكة وتحديات الاستثمار” أن ثمة مساعي لإعداد مسودة قانون لتعزيز مشاركة القطاع الخاص. ونقلت وكالة الأنباء العراقية الرسمية عن العضاض قوله إن هذه الورشة تعد أرضية لاعتماد تشريع يعمل على “تفعيل الشراكة بين القطاعين للارتقاء بجودة السلع والخدمات المقدمة للمواطن بتوجيه من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني”. وأوضح العضاض أن الجهود منصبة على جمع البيانات عن المشاكل والتحديات التي تواجه الاستثمار ومعاناة المواطنين مع مشاريع الاستثمار في الإدارات السابقة لمعالجتها وتقديم خدمة حقيقية للناس. وتأتي هذه التحركات في وقت تعاني فيه شركات القطاعين العام والخاص من ضعف شديد في الإنتاج، ولم ترق إلى مستوى التحديات التي يواجهها البلد النفطي العضو في منظمة أوبك. وحسب وزارة التخطيط يسهم القطاع الخاص بنحو 37 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي ويوفر نصف الأيدي العاملة في البلاد، الأمر الذي يستدعي منح القطاع الفرصة الكاملة لتعزيز تواجده في مختلف مفاصل الاقتصاد. ويشكل دخول العراق في معركة شاملة لإصلاح الاقتصاد على كافة الأصعدة خطوة مهمة، خاصة وأن المحاولات الحالية ستخدم خطط الحكومة لوضع الأمور في طريق التعافي من التداعيات التي دمرت أساسات الاقتصاد لسنوات. ولطالما أبدت الكثير من القطاعات تذمرها بسبب وجود فجوات في دفع الأنشطة الاقتصادية على الرغم من أن السلطات عملت على تأسيس أرضية صلبة عقب تخفيف قيود الإغلاق التي فرضت بهدف تطويق جائحة كورونا. ◙ 37 في المئة مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي وفق وزارة التخطيط ولكن يبدو أن آثار الحرب في أوكرانيا لا تزال تلقي بظلال قاتمة على مجمل الأعمال والاقتصاد برمته في السوق المحلية، وهو ما يتطلب الإسراع في وضع حلول عملية وواقعية. وتبذل الحكومة جهودا لإزالة العقبات أمام جعل المشاريع الصغيرة والمتوسطة تقوم بدورها في تنمية الاقتصاد من خلال خطة لتمويلها من بوابة إطلاق مصرف الريادة الذي تم الإعلان عنه في الصيف الماضي. وتتفق الأوساط الاقتصادية المحلية على أن هذه النوعية من المشاريع لا تزال تواجه صعوبات كثيرة رغم محاولات الدعم والإصلاح التي تقوم بها السلطات في سبيل زيادة زخم أعمالها وأيضا تقليص نسب البطالة. واعتبر محافظ البنك المركزي علي العلاق في يونيو الماضي أن مصرف الريادة سيكون قاعدة لدعم هذا القطاع. وفي بلد يعاني من أزمة بطالة حادة، تعتمد 40 في المئة من القوة العاملة على رواتب الحكومة، وفي المقابل شهد العراق تقلص القطاع الخاص وقدرته على توفير وظائف، في بلد يبلغ معدل بطالة الشباب فيه 25 في المئة. وكل الدلائل تشير إلى كيف تعرقل هدف تنويع الاقتصاد شبه المعتمد على النفط، مع تضاعف الفساد في جميع القطاعات، كما لم يوجد قطاع خاص نشط من شأنه أن يمكّن من تحقيق الهدف. وتظهر بيانات لوزارة التخطيط أن نسبة البطالة في البلاد تصل إلى 15 في المئة، أي ما يعادل 7 ملايين شخص من تعداد السكان البالغ نحو 43 مليون نسمة. العراق يحتاج لاستثمار 233 مليار دولار لترجمة خطط التنمية بحلول 2040 ◙ العراق يحتاج لاستثمار 233 مليار دولار لترجمة خطط التنمية بحلول 2040 وبحسب الوزارة فإن 62 ‎في المئة من القوة العاملة النشيطة‎ تعمل في القطاع الخاص وأن 9‎ في المئة‎ من إجمالي عمالة الشباب تعمل في وظائف أقل من مستوى مهاراتها، وهناك 37 ‎في المئة‎ من الشباب غير متعلمين أو عاملون ولا متدربين. وقبل أكثر من عام تعاون المركزي العراقي مع منظمة العمل الدولية لتنفيذ مبادرة مالية لدعم الشباب والمنشآت الصغيرة والمتوسطة في المجتمعات المضيفة والنازحين بتمويل من الحكومة الهولندية. وقال معاون المستشار القانوني لدى رئاسة الوزراء مرتضى الياسري خلال الورشة إن “الشراكة بين القطاع العام والخاص وردت في المنهاج الحكومي ونحن نعمل عليها بشكلٍ جدي”. وأكد أن مشروع قانون تفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص موجود منذ 2019، لكنه سحب من قبل الحكومة لإجراء التعديلات وتقوية القطاع الخاص. وأوضح الياسري أن القطاع الحكومي ليس منافسا أو بالضد من القطاع الخاص وإنما هو مكمل والحكومة داعمة له، وأن “الشراكة بين العام والخاص والتعاقد بين الطرفين مهم للغاية”. ويتعرض العراق لضغوط متزايدة من المؤسسات المالية الدولية المانحة لتنويع اقتصاده بعيدا عن النفط والغاز الطبيعي. وذكر البنك الدولي في تقرير نشره في وقت سابق هذا العام أن العراق سيحتاج إلى 233 مليار دولار كاستثمارات للاستجابة إلى حاجاته التنموية الأكثر إلحاحا بحلول 2040.

مشاركة :