خلا لك الجو فبيضي واصفري

  • 12/10/2023
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تتفاجأ أحيانا بمواقف لست مستعدا لها، وتحتار في كيفية التعامل معها، مرّة كنت أدرُس اللغة الفرنسية في مدينة رْوَيّان (على ساحل المحيط الأطلسي غرب فرنسا) في أحد معاهد تعليم اللغة الفرنسية، وطُلِبَ مني الحديث عن الإسلام، فاجتهدت. كنت متوقعا أسئلة واعتراضات ونقدًا من الحضور، ولكنني لم أتوقع أن ينبري للهجوم على الإسلام طالبٌ في الفصل اسمه رحمة الله، تذكرت هذا الموقف عندما سمعتُ رئيسيَ الجديد يفتتح أول اجتماع رسميّ له مع فريق العمل البحثي، بعد توليه منصبَه، بالإساءة إلى وطني والتقليل من شأنِ أقراني، كنت أعمل وقتها في مركز أبحاث، أنشأته الشركة متعددة الجنسيات التي انضممت لها في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية. وتزامن الافتتاح الرسمي لمركز الأبحاث مع تعيين مدير جديد، بدأ حياته المهنية أستاذا في جامعة الملك سعود، قبل انتقاله للعمل في الشركة متعددة الجنسيات، وتنقل مع الشركة شرقا وغربا إلى أن عاد للمملكة مديرا لمركز الأبحاث الذي كنت أعمل فيه، مركز الأبحاث، الذي احتفلنا للتو بافتتاحه، أنشأته الشركة لدعم البرامج البحثية القائمة والمخطط لها من قبل إحدى أكبر الشركات السعودية، والتي هي إحدى أكبر العملاء العالميين للشركة متعددة الجنسيات التي كنت أعمل لديها. أنقل حرفيا ما قاله المدير الجديد: "المملكة العربية السعودية ليست مكانًا مناسبًا لمركز أبحاث. موظفو [الشركة السعودية] لا يعرفون كيف يقومون بالأبحاث. يقتصر عملهم على [اختبار بسيط] ويسمون هذا بحثا."، لم أصدق ما سمعت، فطلبت منه الإيضاح. فأعاد قوله مؤكدا إن السعوديين لا يحسنون إجراء البحوث، وأن المملكة العربية السعودية ليست دولة مناسبة لاستضافة مركز للأبحاث، خالفته الرأي، بأدب، وقلت له إن قوله هذا يظهر عدم احترامه للمملكة ولـ [الشركة] وللباحثين السعوديين، زملائي في العمل الذي حضروا الاجتماع كانوا مزيجا من علماء أوربيين وأمريكان وآسيويين، وعددا قليلا من جنسيات أخرى. لم ينبس أحد من الحضور ببنت شفة، لا تأييدا ولا ردا. انتهى الاجتماع، واعتقدت أن ما حصل لن يتكرر، ولكن، في اجتماع فريق العمل الذي عقد بعدها بأسبوع، وبحضور عدد من الموظفين الجدد، كرر المدير تصريحاته السابقة حول المملكة العربية السعودية و [الشركة] حرفياً. هذه المرة اخترت الصمت. أشعر أنني خذلت بلدي وزملائي السعوديين، ويؤسفني عدم تصعيد الأمر، ليس داخل الشركة، ولكن للسلطات السعودية، لأنني غضضت الطرف عن عنصرية مقيتة، انتهى الأمر بجميع أفراد الكادر السعودي العاملين في مركز الأبحاث إلى مغادرة مركز الأبحاث في غضون بضعة أشهر، باستثناء فني مختبر واحد. للأسف، نجح هذا المدير في جعلنا نشعر أننا غير مرحب بنا في وطننا، لدرجة أننا آثرنا الرحيل، مع علمنا بأثر ذلك على حياتنا العملية، كان يجب عليّ التصرفُ بحزم، لكنني لم أفعل. ========================= الدروس المستفادة: • حدد أولوياتك بشكل واضح • لا تتسامح مع العنصرية • تصرف باحترام، ولكن بحزم، عند التعامل مع العنصريين • وثِّقْ، وثِّقْ، وثِّقْ، ثم وثِّقْ. عندما تُصَعِّدْ، ستكون وحيدا، كلمتُك مقابل كلمَتِه. كل الحضور سيصابون بالعمى والخرس والطرش، إن طُلِبوا للشهادة • كن مستعدا لتحمل عواقب تصرفك

مشاركة :