تشهد القطاعات المختلفة في لبنان معاناة متزايدة، مع استمرار أزمة الفراغ الرئاسي، وما يصاحبها من تداعيات اقتصادية خطيرة، ويُعد القطاع الدوائي أحد أبرز المتضررين من الأزمة، ما يتجسد في شُح العديد من أصناف الأدوية، واختفاء بعض الأصناف الأخرى، وانتشار الأدوية المهربة. وأوضحت المحللة السياسية اللبنانية، ميساء عبد الخالق، أن لبنان يُعاني أزمة مالية معقدة تُعد واحدة من أسوأ الأزمات المالية في العالم، ترتبت عليها تداعيات اقتصادية ومعيشية غير مسبوقة، من بينها تزايد معدلات الفقر لتتجاوز نسبة الـ80%، وتدهور قيمة العملة المحلية إلى نحو 90 ألف ليرة مقابل الدولار الواحد، وتصل في السوق السوداء إلى 150 ألف ليرة، وبالتالي كان من الطبيعي أن تتأثر مختلف القطاعات بتداعيات هذه الأزمة، وعلى رأسها قطاع الأدوية. وقالت عبدالخالق، في تصريح لـ«الاتحاد»، إن لبنان يُعاني شُحاً شديداً في العملات الصعبة، ويستورد معظم احتياجاته من الخارج بالدولار، ومن بينها الأدوية، وهو ما يُضاعف أوجاع المرضى بسبب ارتفاع فاتورة العلاج بعد توقف عدد كبير من الجهات الضامنة عن الدفع بالدولار، وارتفاع أسعار الدواء. وأشارت إلى أن الأمن الصحي والدوائي للبنانيين أمام خطر شديد في ظل شُح الأدوية وارتفاع أسعارها بشكل غير مسبوق بسبب توقف مصرف لبنان عن تقديم الدعم لكل من الأدوية والقمح والمحروقات، وهو ما جعل عدداً كبيراً من الأسر اللبنانية غير قادرة على تأمين كفاف يومها من الغذاء والدواء. وسبق أن حذر جو سلوم، نقيب الصيادلة في لبنان، من مخاطر الأدوية المهربة التي تغزو الأسواق، بعدما بلغت نسبتها 50% من إجمالي الاستهلاك المحلي للدواء، إضافة إلى تراجع استيراد الأدوية من 900 مليون دولار في عام 2021 إلى 300 مليون دولار في عام 2022. وأوضحت المحللة السياسية اللبنانية أنه أمام هذا الواقع الصعب تزداد المخاوف على صحة شريحة كبيرة من اللبنانيين، لا سيما من الفئات المهمشة غير القادرة على تأمين أدويتهم، خاصة من الذين ليس لهم أقارب في الخارج يوفرون لهم الدعم المادي. من جانبه، أوضح المحلل والكاتب اللبناني، يوسف دياب، أن قطاع الدواء يُعاني تداعيات خطيرة تُضاعف آلام آلاف المرضى الذين لا يجدون أموالاً لشراء الأدوية التي يحتاجون إليها في ظل الارتفاع الجنوني في أسعار المنتجات الدوائية. وتُصدر وزارة الصحة اللبنانية مؤشراً لأسعار الأدوية غير المدعومة وفق سعر صرف الدولار في السوق الموازية، في حين يكون سعر البيع بالليرة، والأدوية غير المدعومة هي التي يقل سعرها عن 12 ألف ليرة وما يمكن تأمينه عبر مراكز الرعاية الصحية الأولية. وقال دياب، في تصريح لـ«الاتحاد»، إنه من المؤسف أن تمتد تداعيات الأزمات السياسية والاقتصادية التي يُعانيها لبنان إلى القطاعات التي تمس عصب حياة الناس، مثل الدواء، وبالتالي يجب العمل فوراً على إنهاء إشكالية الفراغ الرئاسي، باعتبارها الخطوة الأولى لمواجهة الأزمات المتفاقمة، ومن بعدها تشكيل حكومة قادرة على تنفيذ برنامج إصلاحي يعالج كل الأزمات التي تعانيها البلاد.
مشاركة :