في إطار الاحتفاء باللغة العربية، لغة القرآن، ولؤلؤة البيان، وتراث الأجداد، وإرث الأحفاد، نظمت رابطة الأدباء الكويتيين أخيراً محاضرة حملت عنوان: "اللغة العربية وعاء العالم والفكر والأدب"، تحدث فيها الباحث والكاتب الدكتور عبدالله غليس، وحضور الأمين العام للرابطة حميدي حمود المطيري وعدد من الأدباء والمثقفين. وقد شهدت المحاضرة التي قدمتها الكاتبة فاطمة الخياط الكثير الحديث عن الكثير من جماليات وأسرار اللغة العربية، ومكانتها بين اللغات. وقال المحاضر الدكتور عبدالله غليس، أن اللغة العربية فاقت كل اللغات بخائص وميزات لا تمتلكها اللغات الأخرى، وأن تلك المميزات يعرفها كل تبحر في علومها، وكل متقن لها درس غيرها فعرف فضلها. وأضاف بأن من بين ما يميز اللغة العربية عن غيرها: القدم والامتداد عبر آلاف السنين، الأمر الذي منحها ثوة وثباتا يندر وجوده في غيرها من اللغات". ورأى بأن من بين مميزات اللغة العربية أيضا: "الاشتقاق" وهو توليد عدد كبير من الكلمات من أصل واحد، وكذلك الإعراب الذي يدفع الغموض، ويتيح التصرف بمواضع الألفاظ. ومما خصَّ اللهُ بهِ هذهِ اللغةَ علمُ العروضُ: الذي يراهُ الدمنهوري من مفاخرِ العرب، وأن الله خصهم من دون يرهم، وأن هذا العلم كان سرّاً مكتوماً في طباعهم لم يشعروا بهكما لم يشعروا بقواعد النحو والصرف، وإنما ذلك مما فطرهم الله عليه، ثم اطلع الله الخليلَ عليه واختصّهُ بإلهامِ ذلك". وانتقد "غليس" قيام بعض الجامعات العربية باتخاذ اللغة الانكليزية لغة لها في التدريس، وكأن اللغة العربية عاجزة عن حمل العلم وقاصرة عن نقل المعرفة. وهذه ظاهرة اشتد ركنها في الكويت وتجاوزت حدها، فالجامعات الخاصة في الكويت - وعددها عشر أو تزيد- كلها منقطعة على التدريس باللغة الإنكليزية ولا نعلم ما الداعي إلى هذا والطلاب عرب، والأساتذة جلهم عرب إن لم يكن كلهم، وفي أرض، وإذا تخرجوا سيعلمون في بلدهم العربي." وأكد على أن للغة أهمية تتجاوز التخاطب والتواصل، فهي إلى جانب أنها هوية وانتماء، هي وعاء المعرفة، وهي الركن الأول في عملية التفكير، فالإنسان لا يستطيع أن يفكر خارج لغته، لأن التفكير نوع من الكلام الداخلي، وبعض علماء النفس اللغويون يقرون بهذه العلاقة، ولهم فيها مؤلفات. فالصلة وثيقة بين التبحر في اللغة وبين سعة الفكر، وهذا شيء يثبته الواقع". وشدد على أن اللغة العربية من أكثر اللغات عطاء للمفكر لأنها أوسع اللغات ومعانيها أدق وأدل. واعتبر المحاضر أن وسائل التواصل الاجتماعي خدمت اللغة العربية في ظل أن الناس تتواصل باللغة وبالتالي لا يريدون أن يكتبوا خطأ فيتعلمون الصواب، مما جعل التواصل بين المتخصص والدارس سهل جداً. ولفت الدكتور عبدالله غليس، إلى أن أسباب عزوف النشء عن تعلم اللغة العربية الفصحى هي محاولات التسهيل التي أدت إلى قتل روح اللغة العربية، خاصة وأن التيسير لا يكون بحذف أكثر مباحث اللغة. وتابع بأنه "من غير المعقول أن يتخرج الطالب من المرحلة الثانوية وهو لا يعلم أغلب مباحث اللغة فهذا خطأ كبير، وأيضا توزيع منهج اللغة على المراحل الدراسية فالطلبة يأخذون المرفوعات في الابتدائي وبعض المنصوبات في المتوسط وباقيها في الثانوي فهذا خطأ لأن علم النحو لا يعطي جزافاً بل يجب أن يربط ويعطي مكثفاً في كل مرحلة تعليمية". يُذكر أن المحاضر الدكتور عبدالله غليس، هو باحث وكاتب واكاديمي كويتي حاصل على درجة الدكتوراة في اللغة العربية وآدابها، وقد حاز عضوية مجلس إدارة رابطة الأدباء الكويتيين، وراس تحرير مجلة البيان التي تصدر عن الرابطة، وله عدد من الأبحاث و الإصدارات منها: دراسة في شعر ابن زيدون، وعلم العروض والقافية، والبُنية الإيقاعية في شعر مصطفى التل، والتناص في شعر ابن زيدون، الأبنية العروضية لمطالع القصيدة العربية، والتوافق بين التفعيلة العروضية والصيغة الصرفية، والتوافق بين التفعيلة العروضية والصيغة الصرفية، وغير ذلك من المؤلفات والأبحاث.. ويعكف حاليا على تحقيق مخطوطين أحدهما يتعلق بالخيل والآخر ديوان شعر قديم.
مشاركة :