لا أعرف أسماء أعطاها الناس في الوطن العربي لفاكهة أكثر مما مُنح للبطيخ. فهو "شمام" و "خربز" و"جرو" الأخيرة ممجوجة، ويُطلقها بعض عامة القصيم على الشمام. لو تمعّنا لوجدنا أن البلاد الصحراوية قيّض الله لها نوعاً من الفاكهة الصيفية، تنمو في الصيف بأجوائه الحارة، ويقتل بها الناس القيظ، ألا وهو البطيخ. ولأسباب بيئية ومناخية تقل تلك الفاكهة في الشتاء لكون الجسم البشري يميل إلى السوائل الحارة. إلا أننا نُلاحظ في أعوامنا الأخيرة وجود البطيخ في الأسواق في أربعينية الشتاء القارص. وبمناسبة الأسماء والمسميات لما نتناوله من زاد، فقد حظيتُ برسالة من الزميل الكاتب المعروف الأستاذ رشيد الخيّون، عن مسمى أكلة الرز، وأهل العراق لا يزالون يُطلقون عليه (التمّن). وأُدرج الرسالة كما وردتني: الأخ القدير عبدالعزيز الذكير تحية وبعد قرأت مقالتكم اليوم في صحيفة الرياض عن التمّن وأصل الكلمة، يغلب على الظن أن ما أوردته الجامعة غير دقيق، لأن التسمية معروفة قبل الحرب العالمية الأولى، وللباحث علي الشوك وكذلك الباحث هادي العلوي تفسير لهذه المفردة. احترامي رشيد الخيون. *** ولا تزال أنواع الأكلات مختلفة الأسماء في بلادنا. إلا أنني وجدتُ أن "الكبسة" تكاد تكون عامة، رغم حداثة ورود الرز إلى جزيرتنا العربية. والدليل على رواج المسمى وإلحاقه بالسعوديين وجود الكبسة في قوائم الطعام في المطاعم اللندنية، التي تجتذب العرب. وشخصياً أنا مقتنع بأن الوجبة حديثة ولم تشتهر إلا بواسطة المسافرين والسوّاق الذين كانوا يريدون توفير الوقت، ولا يريدون تجزئة الطبخ وإعطاء كل جزء منه نصيبه من الحرارة. قال شاعر يحُث مرساله على سرعة قطع المسافة، وعدم التريّث للطبخ والنفخ: مرّوا "مرات" وطرّقوها مسيمين. عشاكم الليله مثل شغل الأشوام. وقصده اجعلوا العشاء خفايف تتناولونها وأنتم سائرون (مثل شغل الأشوام) أعالى الشام الذين عُرفوا بصبرهم على المسافات الصحراوية والعمل على توفير الوقت لقطعها. وبعض مناطق الخليج لا يزالون يسمّون الرز "عيش" وفي رأيي أنه أصدق تسمية لأنه أصبح في السنين الأخيرة "عيشة" الناس كلهم. binthekair@gmail.com لمراسلة الكاتب: aalthekair@alriyadh.net
مشاركة :