الشمس لا تُغطى بغربال

  • 1/11/2024
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

حينما تقلب صفحات الماضي خصوصا تلك التي تعج بالأحداث الدموية والصراعات التي مرت على الشعوب ستجد أن هناك أسماء خلدها التاريخ لفظاعة أفعالهم الممزوجة بداء العظمة والجبروت حيث تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء عبر مر الأزمان فهم لا يعيرون أي اهتمام لحقوق الإنسان الطبيعية في هذه الحياة بل ساروا في اقتراف أبشع الجرائم في سبيل الحفاظ على عروشهم الهشة المحاطة بغشاء البطش والظلم وهذه حقيقة حياة الغاب. في القرن الأول أقرت الإمبراطورية الرومانية طرد المسيحيين من بلادهم ومحاربتهم واستمر ذلك الحال حوالي 254 عاما حيث استخدموا شتى أنواع الاضطهاد الذي وصل ذروته حيمنا اعتلى (نيرون) عرش الإمبراطورية وقام بحرق مدينة روما للقضاء على الديانة المسيحية برمتها آنذاك والعجيب بأنه كان لتلك الحادثة أثر بالغ في تطوير وتقوية عقائدها وانتشارها بشكل غير مسبوق. أما عن القرون التي توالت فلم تخلو أيضا من المجازر والإبادات ففي أواخر القرن الثامن عشر وصولا إلى التاسع عشر تحدث التاريخ عن (الحكم الفاشي) الذي بدأ في إيطاليا على يد (موسوليني) وظهر في ألمانيا أيضا وقد عانت الشعوب إبان ذلك الحكم من القمع والتعذيب والتطهير العرقي (الهولوكوست) وغيرها من أنواع العذاب وشهدت تلك الحقبة اندلاع الحرب العالمية الثانية بقيادة الزعيم النازي (ادولف هتلر) إلى أن انتهت بالقصف الذري على هيروشيما وناجازاكي وخلفت ما خلفت من مأسي وانتهاكات قسمت على شعوب العالم ونالهم ما نالهم من الاضطهاد والتهجير وما إلى ذلك. اود أن ألفت انتباهك عزيزي القارئ بأن المخطوطات والوثائق والمصادر والكتب التاريخية الغربية والأعجمية والعربية التي خطها الكتاب القدماء والرواة على مدار القرون السابقة لم تصل بالصورة الحقيقية الكاملة كما هي بل تعرضت لعدة هجمات كانت كفيلة باندثارها وطمس تاريخها العريق. أولاها حادثة التدمير الثقافي التي جرت في برلين عام 1933 التي تمثلت في حرق المئات من المؤلفات والكتب فحالها حال المكتبة الفاطمية في مصر التي تعرضت للهجوم في عهد المماليك ومكتبة بيت الحكمة في العراق التي تم تدميرها بالكامل من قبل المغول. بعدها استطاع العالم أجمع أن يستشعر أهمية حفظ التاريخ وتوثيقه ولملمت ما تبقى من الموروث القديم. ولكن للأسف الشديد نشهد اليوم موجة عارمة في الإعلام الغربي والعربي لمحاول تزيف التاريخ وإظهاره خلاف ما كان عليه وإخفاء الحقيقة وذلك من خلال بعض الأقلام التي لا عهد لها مع المصداقية ولا تمتلك شيء من أدبيات المهنة فالواقع اليوم تكسوه الغرابة فهناك من يضع الظالم في خانة المظلوم والعادل في منزلة الجائر والمفسد نزيه والنزيه فاسد والمعتدي الغاشم أصبح اليوم شهيد؟!! مهما بلغتم في صناعة هذا الزيف تذكروا أن الشمس لا تغطى بالغربال.

مشاركة :