تحمي البكتيريا النافعة الإنسان من أمراض الجهاز الهضمي والعديد من الأمراض المزمنة، كما تحفظ الجهاز المناعي من التغيرات الناشئة عن بعض العوامل البيئية، والتي قد يترتب عنها أمراض المناعة الذاتية، وتساعد في إفراز هرمونات الجهاز الهضمي البيبتيدية والتي لها دور مهم في جسم الإنسان، وبجانب ذلك تساعد على تصنيع فيتامين (ك) وحمض الفوليك وفيتامين (ب12)، بجانب إنتاج الدهون القصيرة التي قد تساعد على الحماية من بعض الأمراض. ولكن السؤال الذي قد يتردد في أذهاننا هو: ماذا يحدث عندما تتحول البكتيريا النافعة إلى ضارة بسبب عوامل عديدة منها بيئية أو جينية؟ بالطبع الإجابة هي أنه ينتج عن هذا التحول العديد من الأمراض المزمنة، فالطبيب المشهور أفلاطون عندما قال «كل الأمراض التي تصيب الإنسان منشؤها الأمعاء» كان يشير بكلامه إلى دور الميكروبات الحيوية الدقيقة في الأمعاء في الحماية من أو ظهور ونشأة الأمراض. أما العوامل الجينية والبيئية التي تغير من كون الميكروبات الحيوية نافعة إلى ضارة فهي: الاستعداد الجيني، إذ أثبتت الدراسات أن العامل الجيني يعتبر من العوامل الأساسية لنشوء كثير من الأمراض المزمنة، فهو يغير التركيب الجيني لهذه الميكروبات النافعة ويحولها إلى ميكروبات ضارة، كما نجد أن الولادة الطبيعية تعتبر أفضل من العمليات القيصرية في تقوية الميكروبات النافعة وحمايتها للطفل مستقبلا، وأثبتت الدراسات أيضا أن للرضاعة الطبيعية دورا كبيرا في تعزيز الميكروبات النافعة والتقليل من الميكروبات الضارة ليس فقط خلال فترة الرضاعة وإنما على مدار حياة الطفل مستقبلا، وبجانب ذلك وجد أن الأم الزائد وزنها قبل أو خلال فترة الحمل يؤدي إلى تغيير الميكروبات الخاصة بالجنين وهو داخل رحم أمه من نافعة إلى ضارة، كما يقلل استخدام المضادات الحيوية من الميكروبات النافعة ويزيد من الميكروبات الضارة، وإضافة إلى ذلك وجد أن الأطفال الذين يمكثون في المستشفى تكون الميكروبات النافعة لديهم أقل بكثير من الأطفال الذين لا يمكثون في المستشفى، كما يقلل التقدم في العمر من الميكروبات النافعة ويزيد من الضارة وبالتالي عندما يتقدم عمر الإنسان يكون معرض للأمراض أكثر وخصوصا لا قدّر الله السرطانات، والحساسية والسمنة والسكري. وللغذاء الصحي الغني بالألياف دور في حماية الإنسان من الأمراض، وذلك؛ لأنه يعزز من الميكروبات الحيوية النافعة ويقلل من الميكروبات الضارة على عكس الأكل الغني بالسعرات الحرارية والدهون، وللرياضة دور كبير أيضا في المحافظة على الميكروبات النافعة وعدم تحولها إلى ميكروبات ضارة. ولجسم الإنسان والميكروبات المعوية تفاعلات مفيدة على قدم المساواة مع الميكروبات الضارة بمعنى أن الجهاز الهضمي للإنسان يحتوي على الميكروبات النافعة والميكروبات الضارة؛ فإذا زادت نسبة الضارة ظهرت الأمراض المزمنة ومنها (السمنة، السكري سواء كان النمط الأول أو الثاني، متلازمة الأيض، أمراض المناعة الذاتية، الأمراض النفسية والسلوكية وغيرها العديد من الأمراض الذي يعتقد أن منشأها من الجهاز الهضمي). الخاتمة: «الوقاية خير من العلاج» ولتفادي الميكروبات الضارة يجب زيادة كمية الألياف في وجبات الأطفال والبالغين، فالألياف الطبيعية غنية بالكثير من الفوائد وخصوصا للجهاز الهضمي والميكروبات الحيوية في الجهاز الهضمي، والحد من استخدام المضادات الحيوية إلا في الضرورة القصوى التي يحددها الطبيب المعالج، حيث إنها تقلل من الميكروبات النافعة. بجانب التقليل من الوجبات الغنية بالدهون والسعرات الحرارية، والإكثار من الرياضة البدنية، حيث إنها تعزز من نشاط وتكاثر الميكروبات النافعة، كما ينصح بتناول بعض المحفزات لزيادة ميكروبات الأمعاء النافعة والتي تسمى (بروبيوتيكس أو بريبيوتكس) والتي تساعد على المحافظة على تركيبة الميكروبات المعوية النافعة وهذه التدخلات الغذائية لها أثر واعد بإذن الله في الحماية من الأمراض المزمنة، كما يجب على الأم قبل حملها أن تعتني بوزنها وبالنظام الغذائي قبل وخلال فترة الحمل، فهو يلعب دورا مهما كما أثبتت الدراسات في المحافظة على الميكروبات النافعة لجنينها، وأن تحرص على الرضاعة الطبيعية وخصوصا خلال الـ 6 – 12 شهرا الأولى أو كما ذكر في القرآن حولين كاملين، وننبه أنه من الشهر السادس تبدأ الأم بإعطاء الطفل الخضراوات والفواكه الغنية بالألياف، والحرص على زيادة كمية الألياف في وجبات الأطفال والبالغين فالألياف الطبيعية غنية بالكثير من الفوائد وخصوصا للجهاز الهضمي والميكروبات الحيوية في الجهاز الهضمي، وتظل الرياضة البدنية مهمة في تعزيز نشاط وتكاثر الميكروبات النافعة.
مشاركة :