جيل.. ما قبل النسخ واللزق!!

  • 1/16/2024
  • 20:53
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

الكاتبُ، هو إنسانٌ يعيشُ على حافَّةِ الحقيقة، يكتبُ بقلبِهِ (لا) بقلمِهِ، ويتعاطَى مع المفرداتِ بإحساسِهِ ويقينِهِ الذي يعيشُهُ؛ وهو يؤمنُ به كما يؤمنُ أنَّ الكتابةَ هي الأدبُ، وأنَّ الحياةَ هي المدرسةُ الأولى التي تُعلِّمه الحياة، وتُقدِّم له ضفائرَ ومباخرَ، وأفراحًا وطموحاتٍ فوقَ العادةِ؛ ليكتبَ لك أنتَ -سيِّدي القارئ- الذي ربَّما تعيش معه في نفس المكان، وتمشي معه في نفس الشارع الذي يمشي فيه، ذلك المكان الذي يعرفه الكلُّ، والذي يضمُّ لوحةً رسمتها المصادفةُ، والتي تراها ويراها الكلُّ على أنَّها لوحةٌ عاديَّةٌ جدًّا، بينما هو يراها بعيونٍ ترى ما خلفَ الصورةِ، فتجده يتناولها من زاويةٍ مختلفةٍ، وبأسلوبٍ رشيقٍ، كلُّ هذا من أجل أنْ يرسم صورًا مدهشةً، تجعل القارئ ينظرُ لها حين يقرأها، وكأنَّها لوحةٌ صُنِعَت له وحده، ليرى فيها نفسه..!!أنا أنتمي لجيل متعبٍ جدًّا ومختلفٍ جدًّا، جيل لم يكن يملكُ سوى أشياءَ بسيطةٍ، ربما (لا) تساوي في زمننا هذا شيئًا، لكنَّها كانت أكثرَ جمالًا، وأكثرَ وهجًا وفصاحةً، ولغةً وأدبًا، حيث كان لنا في الكِتَاب واقعٌ لجيلٍ قارئ، وحكايات طفولة كانت تُنقِّب بين الكلمات، وتبحث بين السُّطور عن فاصلة لتحملها، وترسم باللُّغة جُملًا مدهشةً، هكذا كان الكِتَاب، هو المتنفَّس الوحيدُ، الذي يمنحُ العيونَ فرصةً لترى أدب الرِّجالِ والنساءِ، الذين سهرُوا ليكتبُوا لنا خلاصةَ تعبِهِم في سطورٍ مذهلةٍ، بالطَّبع كلُّ هذا صنع أجيالًا واعيةً تحملُ في صدرها ألمًا وأملًا؛ لتكتبَ بتلقائيَّةٍ وبساطةٍ تتجاوز الطُّفولة، دون أنْ تلغي حقَّ أحد، أو تسرقَ أفكارَ أحدٍ، كما هو اليوم في عالم التَّواصل، عالم تُمَارَس فيه اللصوصيَّة بإتقانٍ، ومن خلال النَّسخ واللَّزق، أصبح الكلُّ يكتبُ..!!(خاتمة الهمزة).. اليوم، وفي حضورِ التَّقنية -وبكلِّ أسفٍ- غاب الوعي، وحضرَ اللاوعي، حتَّى أصبح الكلُّ يسأل: أينَ هو الحدُّ الفاصلُ بين الوَهَمِ والواقعِ.. وهي خاتمتي ودمتم.

مشاركة :