يدرس في حصص الأدب والبلاغة عن توارد الخواطر والاقتباس، واستغل مدعو الأدب والشعر والتأليف الاقتباس ومن ثم تحولوا إلى سرقات أدبية ولا سيما من كان يتنقل بين البلدان في المشرق والمغرب أو من كان يجيد أكثر من لغة، فيكتب المقالات ويؤلف الكتب وهي في الحقيقة مسروقة دون الإشارة إلى المصدر، معتمدا على ضعف الاتصال بين البلدان وصعوبة الوصول إلى المعلومة. وجاءت الثورة التكنولوجية وأصبح العالم كما يقال قرية صغيرة وانكشفت الكثير من الحقائق عن سرقات أدبية وفنية ولحنية من مقالات وكتب وأفلام وروايات لنشاهد كيف قلدت برامج ومسلسلات وأفلام، بل تعداه إلى سرقة قصائد تراثية وادعاء تأليفها وكانت هذه الثورة التكنولوجية نقمة على ممارسي السطو الأدبي على جهود الآخرين سواء من لغات أخرى أو من بلدان بعيدة، ما استدعى وجود جهات رقابية لمحاسبة ومعاقبة المعتدين على جهود الآخرين والحكم عليهم بغرامات مالية ولا سيما أنها للأسف تصدر من شخصيات أحيانا معروفة ولها وزن وتأثير أخلاقي على الناس وتدعو إلى الفضيلة، متناسين أن سرقة جهود الآخرين هي أسوأ مثل على أنهم ظاهرة صوتية مع بارقة أمل في هذه الجهات الرقابية على السرقات الأدبية، حيث لم تتوانَ عن الحكم لكاتب بحقه الأدبي وغرامة مالية على شخصية شهيرة على مستوى التأليف والبرامج. وإتاحت هذه الثورة التكنولوجية ظهور وسائل التواصل الاجتماعي لتتيح لكل فرد لأن يصبح إعلاميا بمجرد ضغطة زر من هاتفه أو جهاز كمبيوتره ( ولاسيما تويتر وواتس أب )، وظهر شكل جديد من الأخبار والقصص والحكايات ابتداءً من شاهدت وسمعت بنفسي إلى استخدام البرامج والتقنية في القص واللزق لتوظيف المادة حسب الهوى، ويتم بثها من قبل المستخدمين دون تمحيص أو تفعيل للمنطق والعقل في إعادة الإرسال، وصارت الأخبار انتقائية وفي كثير من الأحيان تتحدث عن النوايا والقصد، مع ربط واجتزاء مقالات أو عبارات أو لقاءات لتوظيفها حسب ميول المرسل، ونلحظ ذلك كثيراً في الرياضة من خلال نشر تعليقات ومقالات ولقطات حسب الميول الرياضية وأضحت هذه الوسائل تنشر الكثير من الاتهامات والأحكام والتأليب على بعض. واستخدمت هذه الرسائل في بعض الأحيان من قبل المنافسين في المهنة أو التجار من خلال التشهير في بعض المنتجات من خلال تعليق ورسائل من أناس عاديين يملكون فقط التجرؤ وعدم تحكيم الضمير، وجاءت القوانين لتجريم هذه السلوكيات ومحاسبة من يتلصص على الناس وينتهك خصوصياتهم. بقي أن يكون التطبيق سريعا وحازما مع الأخذ في الاعتبار التشهير بالمدان بنفس الطريقة والوسائل التي استخدمها، مع بارقة أمل أن تكون منصات التواصل الاجتماعي وسيلة للمحبة والتسامح ونشر الفضيلة والحث على العمل والتطوع، لنكون أعضاء فاعلين ايجابيين نفخر ببث انجازاتنا وقصص النجاح فقد مللنا بث الاتهامات والإشاعة واصطياد الأخطاء ونشر الغسيل، فنحن في النهاية بشر في أي مكان أو زمان نصيب ونخطئ ونتطور فكرياً حسب المراحل العمرية والقراءة والمشاهدة. لتكن رسالتنا معبرة عن تراثنا الأخلاقي وتنشر التسامح والتغافل، أما آن لنا أن نكون فاعلين مساهمين ايجابيين في العالم مؤثرين نوصل ايجابياتنا إلى الآخرين، مستغلين سهولة وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي متجنبين القص واللزق بدون تمييز.
مشاركة :