كنت قبل يومين في نقاش جميل مع أمين أمانة إحدى مناطقنا المميزة وكان اللقاء بعيداً عن ضجيج دوائر العمل في القطاع البلدي وكان النقاش حول توصيل مفاهيم برامج التخطيط العمراني في إدارة المدن للمستفيد منها على وجه الخصوص وأنهم كأمناء يهتمون بماذا يحتاج التخطيط بتلك المناطق من خطوط عريضة لقيادة التنمية ولكنهم ليسوا مسؤولين مسؤولية كاملة عن كيف تتم هذه القيادة فقاطعته لأوضح له ولكم عن الجدار القصير عند تنفيذ برامج التخطيط العمراني بالمدن الذي أصبح مباحاً لكل الأجهزة الحكومية الأخرى التي تمتلك أراضي لها في المدن وذلك بتخطيط نشاطها كما تشاء وذلك فى غياب التكامل مع الأنشطة التى تقوم بها الأمانات أو على الأقل يتطلب التنسيق معها حتى أصبحت الأجهزة التخطيطية بالأمانات وكأنها جزر مستقلة لا يربط بينها وبين هذه الأجهزة الحكومية الأخرى إلا قرار سامٍ كريم إن تم الرفع به من قبل الأمانة بتهميش دورها عند تنفيذ الأجهزة والإدارات الحكومية تطوير ما تمتلكه من الأراضي وعادة ينتج من هذه الأوامر فك الاشتباك بين الأجهزة المتصارعة بالتخطيط وهو أيضاً ليس حلاً كاملاً وإنما مرحلي لتلك الأمانة دون تلك ونرجع للمربع الأول كاملاً بحيث تتصرف كل إدارة حكومية بالمدينة كيفما تشاء. وهذا بغض النظر المؤقت حول غياب التكامل والتنسيق بين الأجهزة التخطيطية في الأمانة الواحدة يجعل كلاً منها يعمل منفرداً دون استراتيجية موحدة تربطها حتى وإن كانت هذه الأجهزة متقاربة فراغياً ولكنها مبتعدة فنياً. هكذا يترك أمر التخطيط مباحاً للجميع وذلك على حساب الصالح العام وعلى الصعيد المحلي يحاول كل قطاع أن يستقل بنفسه تخطيطياً وتنفيذياً فالمرور يخطط للمرور، والمرافق تخطط للمرافق، والكهرباء تخطط للكهرباء، والإسكان يخطط للإسكان.. وهكذا كل في فلك يسبح بعيداً عن الأهداف الاستراتيجية التي ذكرها لي (الأمين) والتي تسعى إلى مقاومة أم المشاكل بمدننا السعودية الكبرى وهي التكدس الشديد للسكان في الوادي الضيق من التطوير للأرض، ولك أن تعرف وتتخيل أن من نتائج ذلك بدأت تظهر وتتفاقم المشاكل الاجتماعية والأمنية والصحية والاقتصادية وكذلك المشاكل البيئية والأخلاقية حتى أصبحت صعبة الحل تتجمد أمامها كل السبل والأساليب لا تستطيع لها حراكاً ويظهر أن صديقي الأمين وجهازه بالأمانة لا يسعى الا لحل المشاكل الآنية الضاغطة ولا يرى الصورة المستقبلية لمدينته في حجمها الحقيقي بكلياتها وجزئياتها وهي صورة ليست بالجيدة في أغلب مدننا تخطيطياً.. وأقرب مثال ولكي تتضح الرؤية هو موضوع الأراضي البيضاء المملوكة للأجهزة والإدارات الحكومية الذي لقي اهتماماً كبيراً من الرأي العام لم يهدئه إلا قرار سامٍ كريم بعدم التعدي عليها ثم كانت مشكلة ماذا وكيف يجرى تطويرها من قبل الأمانات وإن اختلفت فيه الآراء حول قيادتها لهذا الملف الشائك وظهرت فيه حماسة الرأي العام ولكن كيف ندخلها علمياً بدون الرجوع للاستراتيجية على المستوى الوطني التي تسعى إلى توجيه التنمية لكل مدن المملكة فلا وجود لها في وجدان النظام ولابد ان نعرف أن الكثير ينتظرون تقاعس الأمانات في تطوير هذه الأراضي ليقيموا عليها الدنيا جدلاً وحماسة وصياحاً.
مشاركة :