شجر نخيل.. أبواب قديمة.. «نساء وأطفال من الخوص».. رمال من الصحراء، وغيرها من العناصر التراثية، تشع نوراً في مهرجان «ضي دبي» الفني، الذي ينظم في مدينة إكسبو دبي، إذ استحضرها فنانون مشاركون لتقديم أعمال يفوح منها عبق الأصالة. وتباينت المواد التي صممت منها أعمال المهرجان، الذي انطلق في 26 الجاري ويتواصل لـ10 أيام، ولكنها بمجملها شكلت إطلالة على الثقافة الإماراتية، وما تحمله من تنوّع وتميز. وقدم الفنان الدكتور محمد يوسف، عمله الذي جسّد به أطفالاً ونساء من الخوص المعلق على كرب النخيل والمشع بالأضواء، بأسلوب محمّل بعبق التراث والحنين إلى الماضي. وقال الدكتور يوسف، لـ«الإمارات اليوم»: «أقدم من خلال عملي في المهرجان رسالة من الماضي إلى الحاضر والأهم إلى المستقبل، فدبي تطوّرت كثيراً، ولكن لابد من العودة إلى الماضي، وليس بالضرورة بالشكل التقليدي، وإنما بلغة مغايرة عما يألفه البشر». وأضاف: «أقدم في الأعمال رسالة إلى الأجيال الجديدة للعودة إلى التراث، ولكن ليس على النحو الكلاسيكي، فالمطلوب هو التراث الممزوج بالتفكير، ولذا عملت على جمع الخامات القديمة وتقديمها بصورة جديدة، فالكرب والجريد والخوص، مواد يتآلف معها الناس، وقدمت بشكل معاصر». وأشار الدكتور يوسف إلى أن «عمله محمّل بالجوانب السيكولوجية أيضاً، فهو يرمز إلى المرأة التي تبقى على مر العصور هي نفسها، فالأضواء التي أضيفت تلفت الأنظار، وتزيّنها بأبعاد جمالية»، موضحاً أنها «المرة الأولى التي يعمل فيها على الإضاءة، وهذا ما جعل إبداعه يبدو مختلفاً تماماً». وأوضح أنه اعتمد على الحِرفيين الذين يصنعون الخوص، ولكن وفقاً للمقاسات التي يريدها هو، في عملية مهمتها تطويع المواد، مشيداً بفكرة المهرجان التي تشجع على التفكير بصيغة مبتكرة، وهذا الابتكار مطلوب في الفن لتقديم كل ما هو إبداعي. نساء بأجسام عملاقة من جهتها، قالت الدكتورة نجاة مكي، التي تقدم النساء المعروفات في لوحاتها بأجسام عملاقة ومضاءة: «إن النساء في عملي المشارك في المهرجان مختلفات، فهن يرمزن إلى الإمارات السبع، كما أن العمل يبرز دورهن في مجال التنمية إلى جانب الرجل، فالقيادة الرشيدة وضعت للمرأة مركزاً مرموقاً ومكانة، ما جعلها تتفوق في مختلف المجالات». وأضافت أن عملها تفاعلي «وأي شخص يمكنه أن يدخل حيز الرمل، ويصبح جزءاً منه، فالحراك الموجود في الظل يأخذ المتلقي إلى أفكار وطموحات مستقبلية»، مشيرة إلى أنها استخدمت الرمل في الأرضية للإيحاء بملامح الصحراء. ووصفت الدكتورة نجاة التوأمة بين الفن والأضواء بالمهمة، معتبرة أن مهرجان «ضي دبي» بتركيزه على الفنانين الإماراتيين أوجد حيز التقدير لهم، ما يمنحهم الدافع لإنتاج أعمال تنتمي إلى البيئة ومشاركة أفكارهم، لاسيما أن المكان الذي يعرض الأعمال عالمي الصبغة، وهو مدينة إكسبو دبي. «الرحال 2.0» بينما يشارك المصمم خالد الشعفار بعمله «الرحال 2.0»، الذي يحمل جذع النخلة. وقال: «يُعدّ عملي نسخة مستحدثة من آخر ما قدمته في عام 2015، ويحمل اسم (الرحال)، وكان العمل الأصلي يهدف إلى إبراز فن عمارة العريش القديم بطريقة معاصرة، فتم استحضار الأجزاء الرئيسة في بناء العريش، ومنها جذع النخلة، والسعف، وبُني المجسّم في لندن، كما كان يهدف إلى إنشاء مكان للتواصل الاجتماعي في مكان مغلق، أما النسخة المستحدثة فتحمل الرسالة نفسها، وتجمع الناس في مكان واحد وتجعلهم يستمتعون بالتجربة، ولكن بوجود عنصر الضوء الذي يشعر الحضور بأنهم في مكان مغلق». وعن حضور الثقافة الإماراتية في أعماله، نوّه الشعفار بأنها مصدر رئيس في الإلهام، فلطالما استخدم جذع النخلة في أعماله، لاسيما في التصميم، وهذا يبرز دور هذه المفردة المهمة في ثقافتنا، معتبراً أن ما يميز «ضي دبي» هو أنه بإياد إماراتية، ويقوم على مبدعي الوطن، فهو منصّة تقدم الفنان الإماراتي للعالم، ويُعدّ مكملاً للمهرجانات الأخرى في الإمارات. «منارة 2» أما المصمم عبدالله الملا، فقدم عملاً بعنوان «منارة 2»، موضحاً أن «فكرته تقوم على فكرة منارة المساجد، التي تتميز بارتفاعها ليصل صوت المؤذن إلى المدى البعيد». وأضاف أنه «مع التكنولوجيا ووجود مكبرات الصوت، لم يعد للمنارة المهمة نفسها، ومن الممكن استغلال هذا الارتفاع بما يناسب الوقت الراهن». وأشار الملا إلى أنه «من خلال تصميمها والإضاءة المتبدلة، يمكن تقديم تنبيهات حول اقتراب مواعيد الصلاة، إذ تتغير أشكال الإضاءة وألوانها»، لافتاً إلى أن «المواد المستخدمة في عمله هي الزجاج والأضواء، وصمم بمواد تسمح بأن يكون العمل مناسباً لتباين الضوء بين النهار والليل، لأن هناك العديد من الصلوات خلال النهار». وكشف الملا أن «عمله على الإضاءة ليس الأول من نوعه، إذ استخدمها في السابق، ولكن بأشكال بسيطة ومكملة للعمل، وليس بغرض التعبير». وأشاد بمهرجان «ضي دبي»، الذي يحمل كثيراً من الإبداع، خصوصاً في ساحة الوصل التي تضفي على الأعمال طابعاً آخر، فهو يجمع خلفيات مختلفة وأجيالاً متباينة وقصصاً تكمل بعضها بعضاً. عروض وحوارات يقدم «ضي دبي» سلسلة من الحوارات الفنية حول موضوعات المهرجان كجزء من برنامجه المعرفي، فضلاً عن ورش العمل الإبداعية في المهرجان، بما في ذلك ورشة العدسات والضوء. كما يقدم مجموعة من العروض، منها العرض الفني «سولار كانوبي»، وهو عرض بصري مبتكر يعتمد على مشاركة الزوّار في استخدام الدرّاجات الثابتة لتوليد الكهرباء في الموقع، ما يخلق تجربة تفاعلية تغذيها طاقة الضيوف وحضورهم الحيوي. أما عرض «إليزيان آركس» فيجمع بين مجسّمات الهياكل المنحنية بأسلوب مذهل، إذ يستخدم الألوان والأضواء لإيصال العواطف والتصوّرات البشرية بطريقة فنية مميزة. • 4 فبراير المقبل، موعد اختتام المهرجان الفني الذي يضيء «مدينة إكسبو دبي». تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news Share فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :