بعض تصريحات المسؤولين أقل ما يُقال عنها إنها «مستفزّة»، ومفردة «مستفزة» ليس الأكثر دقّة، لكنها الأقرب للوصف، وللأمانة كنت أنوي أن أصفها بفراغ بين مزدوجتين هكذا «..»! لعدم وجود مصطلح مناسب لوصف التصريح أولاً، وكي لا يظن أحد «بالرقيب» الظنون ثانياً.. لهذا لا أستطيع أن أصف الشعور الذي يخالجك عزيزي القارئ، لكنني سأدعوك لتجربة الشعور من خلال القصّة التالية: تخيّل أنك مريض لاسمح الله وحملت آلامك للمستشفى وهناك قرروا من «النظرة الأولى» أن حالتك مجرد إرهاق وكل ماتحتاجه هو مضاد حيوي ومهدئ من عائلة «دول»، تخجل من نظرات الطبيب التي تقول لك إنك «خوّاف»، لكن حالتك تسوء أكثر.. فتعود بوجهٍ أكثر شحوباً، هنا تأخذ الأمور منحى أكثر جدية، فحالتك تستلزم «فحصاً سريرياً» و«تحاليل»، بعد ظهور النتائج يردد الطبيب «إن شاء الله خير» بملامح جامدة، ثم يردف في همسة أكثر تخويفاً بأنه (يشك) أن فيك المرض الفلاني، فهنا يضيف لك ألماً جديداً، ويصبح لديك مرض عضوي، ومرض الشك الذي حقنك به الطبيب، تسأله عن طريقة علاج شكوكه، قبل أن تسأل عن علاج مرضك، وبعد أن يجري اتصالات سريعة يُخبرك أنه لايوجد (الآن) سرير شاغر وعليك التفاهم مع المسؤول، الذي هو بدوره يقنعك بالصبر واحتساب الأجر. أمام ألم المرض والشك لا تجد إلا حلاً واحداً، وهو أن تبحث عن العلاج خارج الوطن، لأنك لن تُضيف ألم الانتظار إلى أمراضك السابقة، تذهب وتخسر مالك ووقتك وصحتك، وعندما تصل للدولة المجاورة يبشّرك الطبيب بأن الأمر بسيط، وأن التشخيصات السابقة عند (ربعك) لم تكن دقيقة، وكل مايلزمك هو علاج لمدة أسبوع، وبالفعل تعود لوطنك معافى بإذن الله (والآن عزيزي القارئ تهيأ لاستقبال التصريح واختر اسماً مناسباً له) يقول المسؤول: (إن 90% من الحالات التي يلجأ المرضى لعلاجها في «الدولة المجاورة» حالات بدائية يمكن إجراؤها في جميع مستشفيات المنطقة)! وكأنك تركت مستشفيات البلد بحثاً عن الرفاهية، المسؤول قدم دراسة ميدانية وتوصل إلى أن 90% من الحالات التي تم علاجها في الدولة المجاورة حالات بدائية، وبعضها تضاعف بسبب تشخيص خاطئ..(يعني أبو الشباب جالس في الحدود لدراسة حالة الذين عادوا من علاجهم بالخارج لعدم وجود سرير في المستشفيات التي يُشرف عليها)، بالطبع هذا جُهد يستحق عليه الشكر، لكن لو «كمّل معروفه واشتغل على دراسة للأسباب التي تجعل المريض البسيط يسافر للعلاج..أليس ذلك أولى؟) انتهت المساحة.. وبقي عليكم تسمية تصريح المسؤول!
مشاركة :