الليمون يكتب: فليسعد النطق إن لم تُسعد الحال

  • 8/26/2019
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

يا حكومتنا التي نتمنى لها الرشد دوماً ؛ ما عُدنا نطمحُ منكِ خيلاً تهدينا وما عندكِ مالُ فأتحفينا بالصمتِ الجميل إن لم يكن لديكم قول يُقيل من عثرة أو يرفع كربة أو يدفع شرّاً . واعتبروا بما قال شارل ديغول بأن الصمت هو أقوى أسلحة السلطة ، وهذا صحيح من واقع التجارب لمن يجيدون الحديث فكيف بمن لا يجيدونه !ولعلّ المزاج المضروب للأردنيين الذي تحدّث عنه دولة الرئيس يوماً هو تشخيص غير دقيق لواقع حال كان قد أسهم سوء التصرف الرسمي من قول وفعل في نشأته وجعل هناك ردّات فعلٍ مستنكرة تعبّر عن حجمٍ من الإحباط وفقدان الثقة والإزدراء والحنق تجاهها فصار اللوم رسميّاً على ردّة الفعل وأغفلوا الفعل الذي أنطق من كان يلوذ بالصمتِ والإعراض لأسباب متعددة وظروف شتى ، وكان الاعتقاد بما قاله بعض الحكماء قديما بأن الصمت هو صديقك الذي لا يخونك دوماً ولكن الكثيرين أصبحوا اليوم يعتقدون بغير ذلك عندما تمادى المتكلمون في الحديث وتلاشى فعل الصامتين بعدم الاكتراث ، ووصل الحدّ بالبعض إلى إتهام من يتقن الصمت بفساد النوايا ، وظلّوا يعيّرون الصامتين بأنهم " الأغلبية الصامتة " والقصد من وراء ذلك بأنهم الأغلبية السلبية ، وحين تكلمت هذه الأغلبية بوجعها وبثّت شكواها وأنّت بألمها أصبحت مضروبة المزاج ومُتّهمة الدواخل فكيف السبيل يا قوم !ولم يعد خافياً للجميع بأن حكوماتنا أصبحت أقل تجانساً في التشكيل ، وأقل تعبيرا عن عدالة وكفاءة التمثيل ، وأكثر عرضة للتجريب والتبديل وتصريحات بعض مكوناتها ينتظره المتندرون ، ويضع الأيدي على قلوبهم حينها المشفقون ويستعد لإجراءات الطوارئ بعدها المرقّعون حتى صار الحال ما نرى وما نسمع .في مثل هذه الظروف الصعبة لا بدّ من وزن القول بميزان العقل والمنطق ، ولا يجوز لمن لا يعرف أن يهرف ، فالناقد من الأردنيين أصبح اليوم بصيرا والتلفيق والتهويش وتسويق الأوهام صار عسيرا . ولم يعد خافياً طموح البعض النرجسي من داخل التشكيل بإفساد المشهد ليخلو له وجه ربه ، وليس ذلك مقبولا ولا جائزاً في الوقت الذي يجب أن نصطف بالعمل والدعاء وصدق النوايا والتجرّد من الإنحياز الجائر لذواتنا إلى جانب الوطن كي يسلم ونسلم جميعاً .ومن منطلق الحرص المشوب بالمخاوف والحذر والقلق نقول للحكومة التي كثر من بعض من فيها الهذر وما لا يُستساغ من الأقوال التي في غير ظروفها الزمانية والمكانية والحكمة نقول " فليسعف النطق إن لم تسعف الحال " وليس أقل من ذلك .

مشاركة :