حين شهدت مدينة جدة أول لقاء اجتمع فيه أكثر من ثلاثين أديبًا ومثقفًا ومحبًا للثقافة والأدب في مدينة جدة في 23 جمادى الأولى من عام 1395هـ، كانت جدة على وشك تحقيق حلم ثقافي كبير، اجتمعت له تلك النخبة من الأدباء والمثقفين، وهو اجتماع دعا إليه الأديبان الكبيران محمد حسن عواد وعزيز ضياء، بعد عودتهما من الرياض، وهما يحتضنان الإذن من صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بن فهد بن عبد العزيز الرئيس العام لرعاية الشباب، وفي منتزه مشهور كان يلتقي فيه الصفوة والأصدقاء والأحبة في الكيلو عشرة بطريق مكة المكرمة؛ حيث يحلو لهم السمر وتحلو الأوقات، عقد أدباء جدة اجتماعهم، وسجلوا أسماءهم مترشحين لأول انتخابات تشهدها مدينة جدة لأول نادي أدبي رسمي يتم تأسيسه في منظومة الأندية الأدبية في المملكة. لم يكن العمل بهذه الآليات غريبًا ولا مفاجئًا كما كتب البعض، بل إن بعض الصحف التي نشرت خبر نتائج انتخابات نادي مكة بعد مرور ثلاثين سنة على انتخابات نادي جدة الأولى هذه العبارة (أنها المرة الأولى في تاريخ الأندية أن تحدث هذه الانتخابات)، وهذا غير صحيح، فلائحة الأندية الأساسية، صدرت بعد تأسيس الأندية الأدبية الستة، ولكنها ظلت مُعطلة منذ انتخابات نادي جدة الأدبي الأولى التي جرت في جدة عام 1975م، وضمت قائمة ٢٥ أديبًا، من بينهم: سمو الأمير عبد الله الفيصل والأساتذة محمد حسن العواد، عزيز ضياء، طاهر زمخشري، محمد علي مغربي، محمود عارف، حسن القرشي أحمد قنديل وغيرهم. وانتخبوا أول مجلس إدارة لأدبي جدة، وهو أول نادي أدبي يتم تأسيسه في المملكة، وأول نادي يجري الانتخابات العامة؛ بحضور جمعية عمومية من أدبائنا الرواد، وضمت قائمة الذين جرى التصويت على اختيارهم؛ ليكونوا في أول مجلس إدارة الأساتذة محمد حسن عواد، عزيز ضياء، حسن القرشي، محمود عارف، محمد علي مغربي، عبدالله الحصين، عبدالله مناع، الأمير عبدالله الفيصل، الأمير سعود بن سعد، عبد الفتاح أبومدين، محمد إبراهيم جدع وهاشم عبده هاشم. أما من بين الأسماء التي حضرت وشاركت بالإدلاء بأصواتهم فكان منهم الأساتذة عبد الوهاب آشي، لقمان يونس، مطلق الذيابي، محمد سعيد باعشن، أحمد شريف الرفاعي، وهيب بن زقر، محمد بادكوك (وكنت رقم 25 في القائمة وأنا طالب في الثانوية). وتأسس النادي الأدبي الثقافي بجدة كأول نادي أدبي في المملكة عام 1975م بموجب قرار صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن فهد بن عبد العزيز الرئيس العام لرعاية الشباب -رحمه الله- رقم 423/11 بتاريخ 29 صفر 1395هـ بناءً على طلب تقدم به كلٌّ من الأستاذين الكبيرين محمد حسن عواد وعزيز ضياء زاهد باسم (نادي جدة الأدبي) ليكون منتدى وملتقى للأدباء والمفكرين في مدينة جدة. وفي نفس العام ونفس الشهر توالى تقديم طلبات الأدباء في مناطق المملكة الذي صادف وجودهم في مدينة الرياض لاجتماع دعا إليه سموه حول مشروع إحياء (سوق عكاظ) فأصدر أمره بالموافقة على إنشاء أندية أخرى في مكة المكرمة، الطائف، الرياض، المدينة المنورة وجيزان. ونحن نحتفي بمرور 50 عامًا على تأسيس نادي جدة الأدبي، في الوقت الذي يخصص ملتقى قراءة النقد، وهو أحد أهم إنجازات النادي -في ذكرى مرور عقدين على انطلاقته-، مهم جدًا ما تتناوله أوراق الباحثين في دورته الحالية لرصد مسيرة الأندية الأدبية في مسيرة البدايات والتحديات والصعوبات، وما شهدته الحركة الأدبية من تطور وما حدث من متغيرات ثقافية في مشهدنا الثقافي والإبداعي، علينا إذن أن لا ننسى الدور المهم للأندية الأدبية؛ وعلينا أن لا نهمشها ونجعلها أساسًا لمشاريع ثقافية مستقبلية والاستفادة من تجربتها الفريدة. محمد علي قدس
مشاركة :