بعد أيام قليلة يحين موسم اللقاح، حراك يستعد له الفلاح في نجد ومناطق أخرى من الوطن. هذا الحراك كان كمن يقول للنخلة: نحن نستعد لنرعاك، فاستعدّي كي تُعطينا من جيّد الثمر. موسم اللقاح – أذكر – فيه عبق ورائحة جذابة لا يأتيان إلا في الموسم. حتى إن ماءها (ماء اللقاح) يُعتبر من الكنوز التى تُعطيها النخلة لرعاتها. في البحرين حفظوا ذاك الماء بزجاجات خاصة يبيعونها إلى عشاق رائحة الشاي الممزوج بماء اللقاح ذاك. وإلى عهد قريب كان يؤتى به من الخليج والبصرة ويُباع عندنا، ويكفي أن تضع القارورة في الثلاجة لتعطيك الثلاجة رائحة ماء اللقاح. ولهذا اللقاح مزايا صحية ذكرتها بعض المراجع وتحتاج إلى توثيق منها: * القضاء على الإجهاد.. يقوى الجسم في الأعمار المختلفة لأنه يحتوى على الأحماض الامينية والفيتامينات والإنزيمات والعناصر المهمة.. ويمنع ترسيب الدهون بالكبد وإزالة الكلسترول في الدم، والتخلص من الدهون الزائدة بالجسم. وإلى عهد قريب كان الفلاح يصعد إلى أعلى النخلة (الفرع) وبيده مجموعة أعواد (شماريخ) أخذها من الفحل ليضعها داخل (الكافور) ليتأكد أن الرياح لن تذروها. وسألتُ مرة عن كيفية إحصاء نخيل البصرة وكيف يدورون عليها بأعواد اللقاح تلك. ففهمت بأن العملية عندهم أسهل. فهم يطولون الثمرة بواسطة عصا طويلة صُممت لهذا الغرض، وتجري العملية من الأرض دون الحاجة إلى التسلق. وقال البعض إن نخيل سواد العراق يجري تلقيحهُ بواسطة الرياح الجنوبية الشرقية التى تهب في موسم التلقيح (أواخر فصل الربيع). (وأرسلنا الرياح لواقح). ولن يقف عجب الإنسان من خلق الخالق سبحانه، فقد خص النخلة وما ينتج منها بمفردات حيّرت اللسان لفترة. في القرآن الكريم، النقير والقطمير والفتيل. في خارج النواة يوجد غشاء خفيف جدا وقد ذكره القرآن باسم القطمير في قوله تعالى:( وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ) (فاطر)، ثم تأملوا خيطا رفيعا بين فلقتي النواة وقد ذكره القرآن باسم فتيل في قوله تعالى: (قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلا) (النساء77). ثم تأملوا ظهر النواة يوجد بها مثل النقرة الصغيرة وقد سماها القرآن نقيرا في قوله تعالى: (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا) (النساء124). binthekair@gmail.com لمراسلة الكاتب: aalthekair@alriyadh.net