رندة تقي الدين: أنفاق حزب الله وسط نفق اليأس في لبنان

  • 2/20/2024
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

اتسم الجنوب اللبناني في بداية هذا الأسبوع باشتعال الجبهة، إذ قصف الاحتلال الإسرائيلي على أماكن أعمق من قواعد الاشتباك الذي كان بين حزب الله وإسرائيل منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة . لقد طمأنت صحيفة ليبراسيون الفرنسية الشعب اللبناتي الذي يعيش حاليا على أعصابه من تخوف من توسع الحرب إذ كشفت في عددها الاثنين تقرير عن امتلاك حزب الله شبكة انفاق سرية أكثر تطورا من تلك التي لدى حماس في غزة . حسب التقرير الذي يستند على عدد من المصادر من بينهم قائد فرنسي سابق كان قد عمل في قوة الأمم المتحدة لحفظ السلام اليونيفيل في الجنوب اللبناني أن طول هذه الانفاق مئات الكيلومترات ولها تشعبات تصل إلى إسرائيل وربما أبعد إلى سوريا. ونقلت الصحيفة عن مواقع إسرائيلية قولهم ان الحزب أنشأ خطة دفاعية مع عشرات من مراكز العمليات المجهزة بشبكات محلية تحت الأرض تربط بين بيروت والبقاع والجنوب اللبناني . مثل هذه التقارير من شأنها أن تقلق الشعب اللبناني الذي لن يتحمل بعد الآن كارثة جديدة . فمنذ اغتيال رئيس الحكومة اللبناني رفيق الحريري في ٢٠٠٥ تنهال المآسي على البلد مع حرب إسرائيلية في ٢٠٠٦ و انهيار مالي افقر الطبقات الوسطى في البلد وشل الاقتصاد . الآن في حال وسعت إسرائيل حربها على كل لبنان تكون قاتلة للشعب اللبناني، وبيئة حزب الله تنتمي الى هذا الشعب وقد بدأت تتذمر هذه البيئة من الأوضاع المأساوية التي أجبرت كثيرين من سكان الجنوب اللبناني الى مغادرة منازلهم الى الجبل والى أماكن أخرى تفاديا للقصف الإسرائيلي على الجنوب . صحيفة واشنطن بوست الامريكية كشفت أن مسوؤلين إيرانيين أكدوا للجانب الأمريكي أنهم لا يريدون حرب في أماكن حلفائهم أو بالأحرى وكلائهم في المنطقة منهم حزب الله . لكن أمين عام حزب الله يقول باستمرار أنه لن يوافق على وقف القصف طالما إسرائيل لن توقف حربها على غزة، فكيف يتحمل لبنان إذا قرر الاحتلال الإسرائيلي توسيع الجبهة اللبنانية خصوصا أن حكومة بنيامين نتانياهو ترد بالعنف والاجرام على عملية ٧ أكتوبر كأن كل الشعب الفلسطيني مسوؤل عن حماس . فقتل ٣٠٠٠٠ فلسطيني من أطفال ونساء ورجال والحرب الإسرائيلية مستمرة ، ومن غير المستبعد أن يكمل نتانياهو إجرامه على لبنان إذا استمر حزب الله في إيصال القذائف والمسيرات الى المدن الإسرائيلية . وضعت فرنسا خطة لنزع القتال بين حزب الله و الاحتلال الإسرائيلي ترتكز على تطبيق القرار ١٧٠١ لمجلس الامن مطالبة وقف القتال فورا وجال لهذا الهدف وزير خارجية فرنسا الجديد لتقديمها الى الدول العربية المعنية بلبنان . أما المبعوث الرئاسي الامريكي عاموس هوكشتاين فهو يجري اتصالات مع إسرائيل لمحاولة حسب ما يقول منع أي تصعيد على جبهة شمال إسرائيل ولكنه يضيف ان المفاوضات بين الطرفين الاحتلال وحزب الله لن تحصل قبل توقف حرب غزة . غريب أن الشرط الاميريكي مماثل لشرط عدوه حزب الله .ربما يتطلع الجانب الاميريكي الى قيام إسرائيل بضربة قوية على حزب الله . لكن مثل هذه الضربة تكون عواقبها كارثية للبنان مثلما حدث في ٢٠٠٦ حيث دمر جيش الدولة اليهودية لبنان وعزز نفوذ حزب الله . هذا ما تفعله الدولة العبرية في غزة حيث قتلت اكثر من ٢٩٠٠٠ من سكان غزة ولم تهزم حماس حسب هدفها من هذه الحرب . المطلوب الاستعجال في وقف اطلاق النارالكامل قبل الأنزلاق الى حرب واسعة أخرى على الساحة اللبنانية . تطالب الخطة الفرنسية الطرفين حزب الله وإسرائيل بتطبيق القرار ١٧٠١ الذي يفرض على الحزب بسحب سلاحه وذخائره من جنوب نهر الليطاني وتراجع ١٠ كمتر عن الخط الأزرق الفاصل بين لبنان وإسرائيل وتطلب من إسرائيل عدم خرق الأجواء والأراضي اللبنانية . لكن القصف المتبادل مستمر ولبنان تكبد خسائر أرواح بالمئات حتى الآن من مدنيين وعناصر ميليشيا حزب الله في مناطق الجنوب اللبناني حتى إن بعض أهالي هذه المنطقة اصبحوا يتذمرون علنا من هذا الوضع ونشرت على شبكات التواصل الاجتماعي فيديوهات تظهر بعض أبناء وسيدات الجنوب يعتذروا من الحزب على ما كانوا اعربوا عنه من استياء لهذا القتال القائم في منطقتهم . إن وضع الشعب اللبناني يحتاج إلى معجزة لكي يخرج من دوامة الكوارث، فلم ينس اللبنانيين كارثة مرفأ بيروت في عام ٢٠٢٠ التي فجرت ٢٥٠٠ كلغرام من مواد النيترات وأدت إلى مقتل اكثر من ٢٠٠ ضحية وآلاف الجرحى ودمرت منازل ومحلات وعدد من احياء بيروت . لم يتم التحقيق حتى الآن حول سبب هذا الانفجار فيما استعجل حزب الله والاسرة الدولية في القول ان سببه هذا ليس ضربة إسرائيلية بل هو حادث لكن حسب مسوؤل فرنسي سابق الشكوك حول ان السبب قد يكون ضربة إسرائيلية واردة .. فما يقوله اللبناني العادي اليوم ويتمناه كفى المصائب والكوارث فالشعب دفع الكثير حتى الآن.

مشاركة :