تفاعل القراء مع مقالي أول من أمس «حقي الذي لن أسامحك عليه» وجاءت أغلب مسارات التفاعل إيجابية وتعكس رفضا تاما لأي سلوك من شأنه أن يسبب الأذى للآخر، أو يأتي على حق له ويهضمه، والطريف أن القراء المبدعين عقبوا بقصص جميلة تعرضوا لها، أو أحد من أقاربهم تعرض لها وسد أحد الذين لا علاقة لهم بآداب الطريق طريقه. من خلال هذا التفاعل أجد نفسي تنطلق نحو المسار نفسه، ولكن هذه المرة كنت حاضرة، ولست من أصابها الأذى. أجد أننا في هذا الشهر الفضيل علينا أن نتوقف أمام بعض السلوكيات الرديئة، والتي لن أقول إنها لاتعكس وجه الناس الذين نعرفهم أو نتعامل معهم، ولكنها موجودة، ونصادفها، وتصدمنا، ونتجاهلها، وندافع عنها، ولكن لا نملك سوى أن نكون شهودا على صور إن لم تكن بشعة، فهي مؤلمة، وموجعة. في نهاية شهر شعبان كنتُ في إحدى الصوالين القريبة من منزلي أتعامل معهم منذ زمن، والصالون به عدة جنسيات عربية، وآسيوية، وأفريقية، وللأمانة الجميع في منتهى الأدب واللباقة والاحترام، سيقول من يقرأ إن هذا هو الطبيعي ألسن عاملات، ونذهب إليهن «بفلوسنا»؟ وهذه المفردة المريرة التي ما فتئنا نسمعها، بفلوسنا نعتدي على الناس، بفلوسنا نشتم من نريد، بفلوسنا ندوس على الفقراء والمساكين. أعود إلى الصالون الذي كانت به عدة نساء يجلسن في هدوء وفجأة سمعت خلفي بمعنى لا تبعد عني سوى عدة أمتار امرأة تصرخ بأعلى صوتها «الآن تأتي.. - شتيمة بالحيوان -.. لتعتذر لي وإلاّ» صوتها تجاوز مسامعي، وأدرت الكرسي لأشاهد مالا أحب، أو ما يؤلمني، شابة بين العشرين والخمسة والعشرين عاماً، انتهت من كل شيء، مكياج، استشوار، شعر زادت فيه عدة توصيلات، والعاملات يشتغلن عليها منذ ساعات أمضت حوالي أربع ساعات في الصالون بودكير، شعر، مكياج وأشياء أخرى وهي توشك ان تنتهي طلبت من الموظفة العربية «الطيبة» أن تترك الآسيوية شعر امرأة أخرى وتأتي إليها، قالت لها: عندما تخلص زبونتها تأتيك، تدعي الشابة التي تصرخ أن الموظفة، أهانتها، وطريقة ردها لم تكن مهذبة، وحروفها كانت جافة، ووجهها عابس، ولم تحترمها من أجل ذلك عليها أن تأتي وتعتذر وتقبل رأسها.. المسؤولة الأخرى شابة عربية أعجتبني بهدوء قالت لها: أنا سمعتها وتضامنت معها سيدة محترمة سعودية قالت لها: يابنتي أنا سمعتها كلامها لم يكن فيه شيء، ولا يوجد به إهانة، كل ما قالته بعد ان تنتهي من زبونتها تأتيك.. باستقواء وتعالٍ وعجرفة قالت: هذا الكلام كله لا يحرك لي ساكنا، ولا يعنيني بقرش واحد، تجي عندي هنا، وهي تمد قدميها أمام من يتفرجون لتعتذر، وتقبل رأسي، وإن قبلت، وزادت: أنا لازم أربيكم وأعلمكم الأدب.. شعرتُ بدوار شديد والموظفة العربية الشابة تقول لها بحزم، ما في داعي لهذه العبارات، وأعتقد أنك زبونة قديمة مع أمك وأخواتك وتعرفين طريقة تعاملنا! فجأة حضرت من يُطلب منها أن تنحني لمن هي في سن ابنتها قالت لها: لم أخطئ عليك ولم أرفع صوتي، وأكثر من واحدة سمعت ماذا قلت. وقفت بجبروت وهي تقول: يعني لن تعتذري. قالت لها لا: لم أخطئ وأنا في سن أمك.. صرخت احترمي نفسك أمي ليست (....) في محل.. وأنا أعرف أأدبكم.. طلبت منها الموظفة دفع ما عليها في حدود ريال هل تعرفون ما هي الاجابة؟ برغم أن هذا المحل يستلم أتعابه قبل عمل أي شيء.. لكن لمعرفتهم بهذه الفتاة وترددها لم يأخذوا منها شيئاً هل تعرفون ماذا قالت: بابتسامة ساخرة وهي تلبس عباءتها لو لكم عندي شيء اشتكوني الشرطة.. وأنا خارجة واللي شاطر يلحقني، وتأديبا لكنّ لن أدفع مليما واحدا.. مشهد درامي تابعه الجميع وهي تغادر في صلف واستعراض للقوة على ضعفاء.. هذه صورة من صور الجيل الجديد.. (يتبع بعد غد)
مشاركة :