يجمع اقتصاديون على أن الأردن يواجه تحديات متنوعة بعملية جذب رؤوس الأموال جراء ضعف آليات الترويج في ظل المنافسة القوية من دول المنطقة، فيما لا تزال البيروقراطية وضعف الشفافية وعدم وضوح التكاليف عقبات أمام المستثمريْن المحلي والأجنبي. عمّان - تصطدم طموحات الأردن في طريق ترقية قطاعه الاستثماري بالكثير من العراقيل في سياق تسليم القطاع الخاص جزءا رئيسيا من مشاريع التنمية رغم وجود برنامج إصلاحي تسعى الحكومة إلى ترجمته على أرض الواقع. وتمارس أوساط الخبراء ضغوطا على السلطات للقيام بتعديلات جوهرية من أجل جعل الاستثمارات تتدفق على السوق المحلية بشكل سلس بالنظر إلى التنافسية التي باتت تحظى بها منطقة الشرق الأوسط. ولئن كان البلد يعد من بين الأضعف اقتصاديا في المنطقة قياسا بدول الخليج، لكن الحكومة تتسلح ببرنامج إصلاح أطلقت عليه اسم “رؤية التحديث الاقتصادي” يمتد حتى العام 2033 تتضمن عشرات المبادرات وتستهدف تطوير 35 قطاعا رئيسيا وفرعيا. ويقول الخبراء إن الاستثمار يعد ركيزة أساسية في بناء الاقتصاد الأردني وهو المحرك الأساسي له، وإن ضعف الآليات الترويجية للاستثمار تشكل عاملا رئيسيا في إعاقة عجلة النمو الاقتصادي. وأشاروا إلى أن الآليات الترويجية الحالية تتسم بعدم الوضوح وقلة الشفافية، ما يجعل البيئة الاستثمارية غير جاذبة للمستثمرين العرب والأجانب وهذا يتطلب إعادة هيكلة شاملة للسياسات والإجراءات، بحيث تكون أكثر جاذبية وفعالية في تحفيز التوجيه الاستثماري. خليل الحاج توفيق: لا بد من تطوير آليات ترويج الاستثمار لتحقيق الأهداف خليل الحاج توفيق: لا بد من تطوير آليات ترويج الاستثمار لتحقيق الأهداف كما أن مسألة تحديث وتبسيط اللوائح وتخفيف البيروقراطية يعدان من السبل المؤكدة لتعزيز الجاذبية الاستثمارية، إلى جانب تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص وتقديم حوافز ملموسة للمستثمرين، مما يعزز الثقة ويجذب رأس المال. وثمة قناعة بأن تعزيز آليات الترويج للاستثمار يتطلب جهدا مشتركا بين القطاعين العام والخاص، من خلال اعتماد سياسات شفافة ومحفزة، وتحقيق هذه التغييرات سيسهم بشكل كبير في تحسين البيئة الاستثمارية ودفع عجلة التنمية الاقتصادية في البلاد. وأكد رئيس غرفتي تجارة الأردن وعمان خليل الحاج توفيق على ضرورة تطوير آليات ترويج الاستثمار لتحقيق النجاح والإنتاجية المستدامة بما يخدم التنمية. واقترح أثناء حديث مع وكالة الأنباء الأردنية الرسمية تشكيل لجنة ثلاثية متكاملة متعددة القطاعات تجمع بين القطاعين العام والخاص. ووفق توفيق يجب أن تضم اللجنة ممثلين عن وزارة الاستثمار وسلطة منطقة العقبة وهيئة المناطق التنموية وغرف الصناعة والتجارة ومجموعة من المستثمرين الناجحين، بالإضافة إلى السلطة التشريعية ممثلة باللجان المالية والاستثمار في مجلس الأمة (البرلمان). وقال إن “اللجنة تهدف إلى القيام بجولات في الدول الرئيسة مثل السعودية والإمارات وتركيا ومصر للترويج للفرص الاستثمارية في البلاد”. وفي السنوات الثلاثة الماضية، اتخذت الحكومة العديد من الإصلاحات لتحسين تنافسية البلد في جذب الاستثمار الخارجي على الرغم من الانتقادات التي يوجهها لها قطاع الأعمال بين الفينة والأخرى بسبب البطء في تنفيذ برنامجها. وتتبنى الحكومة قرابة 44 قانونا معنيا بتنظيم البيئة الاستثمارية وممارسة الأعمال بالبلاد، ويرتبط بهذه القوانين ما يزيد عن 1800 نظام وتعليمات. ومر الأردن بأوضاع صعبة وواجهها بحذر، وأظهر مرونة في مواجهة العديد من الصدمات الخارجية. ورغم سرعة التعافي بعد أزمة جائحة ظلت البلاد تحقق معدلات منخفضة للنمو، تدور في المتوسط حول 2.2 في المئة في الفترة من 2012 إلى 2022. وسجل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي 2.4 في المئة خلال العام 2022 ثم تسارع إلى 2.6 في المئة بنهاية العام الماضي، متجاوزا متوسطه قبل كورونا 2.4 في المئة خلال الفترة من 2019 إلى 2012. وجاء هذا النمو مدعوما بمساهمة قوية من القطاعات الخدمية كالنقل والاتصالات والتمويل والتأمين وأنشطة تجارة الجملة والتجزئة، بالإضافة إلى قطاع الصناعة وتعافي القطاع الزراعي. وفي الوقت ذاته، شهد قطاع الفنادق والمطاعم أعلى نمو سنوي له منذ الربع الثاني من العام 2022، ما يعكس أيضا الانتعاش القوي لإيرادات السياحة والسفر، لكن مساهمته في النمو تظل هامشية نظرا لصغر حجمه في الاقتصاد وتأثره بالصدمات الخارجية. ريم بدران: المستثمرون العرب والأجانب لا تزال أمامهم عقبات ريم بدران: المستثمرون العرب والأجانب لا تزال أمامهم عقبات وتعتقد النائب الأسبق ريم بدران، أن المطلوب قبل الترويج للاستثمار أن تكون البيئة مواتية وبالتوازي بين الترويج وبيئة الاستثمار. وقالت إن “المستثمر المحلي والعربي والأجنبي تقف أمامه العديد من العقبات الرئيسية قبل الشروع بدخول بأي نوع من الاستثمارات أولها البيروقراطية”. وطالبت بإعادة النظر في سلسلة متطلبات إنشاء المشاريع وتراخيصها لتتسم بالسهولة والبساطة والوضوح أمام المستثمرين، وهي تعد أكبر تعقيد يواجه أي صاحب رأس مال في إقامة مشروعه أو توسعه. وبالنسبة للعقبة الثانية التي ترى بدران أنها تعترض المستثمرين، هي عدم وضوح التكاليف المترتبة عليه لإقامة مشروعه، من حيث التراخيص والمتطلبات والتكاليف الأخرى في التصاريح والتحميل والتنزيل، وعدم توفر الأيدي الماهرة لهذه المشاريع. وتنضاف إلى ذلك “تكلفة الطاقة ومسألة توفر المياه اللتين تعدان من أكبر المعيقات التي تواجه المستثمرين في إقامة مشاريعهم”، وفق بدران، التي أكدت أن “هذه الخطوات هي الأساس في عملية جذب واستقطاب رؤوس الأموال”. ويرى المنتدى الاقتصادي الأردني أن المستثمر يعتبر “جهة ذكية” يمتلك المال والمقومات والخبرات ويبحث عن فرصة مجزية تعود عليه بالعائد المناسب وفي الوقت المعياري المخطط له. وقال عضو مجلس إدارة المنتدى محمد القريوتي إن جاذبية الاستثمار مرتبطة بالكثير من العوامل، منها البيئة المحفزة من تشريعات وقوانين وإجراءات وسهولة في ممارسة الأعمال ونظام مالي قوي ومفتوح على العالم وقوة عملة الدولة”. وأكد القريوتي، وهو مستشار في الاستثمار والأعمال، أن الأهم بنظر المستثمر حجم الاقتصاد الذي يتناسب واستثماره والقوة الشرائية التي تتناسب والعوائد المخطط الوصول إليها، إضافة إلى التنوع القطاعي والجغرافي في توطين هذا الاستثمار. وأضاف “عندما نقوم بالترويج للاستثمار، يجب أن ندرك تماما الحقائق أعلاه ونتحرك بناء عليها لتكون بوصلتنا واضحة وهدفنا معروفا”.
مشاركة :