شكّل حكم محكمة التمييز العسكرية في لبنان أمس، في حق الوزير السابق ميشال سماحة «صدمة إيجابية» بعد الصدمة السلبية التي تلقاها اللبنانيون إثر إخلاء سبيله قبل ثلاثة أشهر، إذ عاد سماحة بموجب حكم المحكمة المبرم الى السجن مجدداً ليقضي حكماً بلغت عقوبته 13 سنة أشغالاً شاقة مع تجريده من حقوقه المدنية، بعدما أدين بجرائم «محاولة القتل ومحاولة القيام بأعمال إرهابية من خلال المتفجرات التي نقلها بسيارته الخاصة من سورية إلى لبنان في آب عام 2012». وسيمضي بقية محكوميته في سجن رومية المركزي، وكان اعيد الى سجن الريحانية من قاعة المحكمة، وتبلغ مدة سجنه ست سنوات وثلاثة أشهر بعد احتساب مدة توقيفه السابقة واعتبار السنة السجنية تسعة أشهر. ومع صدور الحكم، طويت قضية ميشال سماحة ليبرز ملف رئيس جهاز الأمن السوري اللواء علي مملوك، الذي يحاكم أمام المحكمة العـــسكرية الدائمة التي عيــــنت جلسة في 24 أيار (مايو) المقبل من دون أن تبت المحـــكمة برئاسة العميد خليل إبراهيم في مسألة إبلاغه ليصار إلى محاكمته غيابياً، علماً أن بحق مملوك مذكرة توقيف غيابية صادرة عن قاضي التحقيق العسكري الأول رياض أبو غيدا منذ العام 2012. وكان سماحة أمضى نحو 20 ساعة في نظارة المحكمة العسكرية بعد توقيفه، تمهيداً لاصدار الحكم. لحظة إصدار الحكم ومع وصول رئيس المحكمة القاضي طاني لطوف أثناء تلاوته للحكم، إلى «مدى توافر عناصر الجرائم الملاحق بها»، وقف سماحة للحظات في قفص الاتهام ثم ما لبث أن جلس وبقي على هذه الحال إلى أن بدأ يتململ في مقعده مصوباً رأسه نحو الأرض. وحين أعلن القاضي لطوف رفع الجلسة، كان الاصفرار علا وجه سماحة وواكبه من داخل القاعة طبيبه الخاص النائب السابق كميل خوري وطبيب من الشرطة العسكرية. وفي حيثيات حكم المحكمة الذي صدر بالإجماع، وجاء معللاً وردّ على كل النقاط القانونية التي أثارها وكلاء الدفاع كما سماحة في مرافعاتهم، وخصوصاً لجهة ما اعتبروه «استدراجاً» من المخبر ميلاد كفوري، أنه «لم يثبت من أقوال المتهم أن كفوري هو الذي خلق لديه فكرة القيام بعمل أمني على الحدود الشمالية لمنع تسلل المسلحين، بل أنها كانت تراود المتهم على ضوء الوقائع، بحيث بات مقتنعاً بضرورة تنفيذ عمل أمني على هذا الصعيد بعدما أحلّ نفسه مسؤولاً عن أمن الحدود الشمالية في ضوء تلكؤ الحكومة من وجهة نظره عن المبادرة لاتخاذ موقف». وذهبت المحكمة إلى أبعد من ذلك في تفسيرها الاستدراج بالمعنى القانوني، «حيث إن الاستدراج هو تحريض شخص على ارتكاب جرم معين من خلال الإيحاء بالفكرة الجرمية وحضّه على ارتكابها بغية الإيقاع به، وهذا لا ينطبق على وضعية المتهم المقتنع أصلاً بضرورة القيام بعمل أمني ما..». «وافق على القتل» وشرحت المحكمة بإسهاب مدى توافر جرم «محاولة» ارتكاب سماحة الجرائم المتهم بها، فاعتبرت أن «ركني جريمة محاولة القيام بأعمال إرهابية المادي والمعنوي مكتملان، وإنما لم يفضيا إلى مفعول بسبب ظروف خارجة عن إرادة المتهم، وبالتالي فإن فعله خرج عن طور المحاولة وأصبح مكتملاً». أما في ما خص جرم محاولة القتل، فرأت المحكمة «أن المتهم أفاد في كل مراحل التحقيق وأمام المحكمة بأنه جرى الكلام بينه وبين كفوري عن تفجير إفطارات يحضرها نواب ورجال دين، ولم يمانع سماحة من حصول التفجيرات، بل وافق بصورة صريحة على إتمامها، سواء من خلال إجابات شفوية صريحة أو من خلال إيماءات أو بعض الإشارات بيديه، وهي جميعها تفيد بالموافقة. وأكثر من ذلك، فإن التبرير الذي أعطاه المتهم بأنه كان يساير كفوري ولعدم اقتناعه بأن الأخير يستطيع تنفيذ تفجيرات كهذه، تبرير غير منطقي وغير مقنع، فمن يفترض به تفجير معبر حدودي أو مركز لتجمع مسلحين، لا يصعب عليه تفجير إفطار، وتذرع سماحة بإجراءات التفتيش على مداخل أماكن الإفطارات التي لا تفوق صعوبة اختراق إجراءات الحماية حول مراكز تجمع المسلحين، وبالتالي فإن جرم محاولة القتل ثابت». وانتهت المحكمة في حكمها إلى إدانة سماحة وإنزال عقوبة الإعدام به بجرم محاولة القتل، وخفضها للمحاولة إلى السجن 13 سنة ووضعه في الأشغال الشاقة المؤبدة بجرم محاولة القيام بأعمال إرهابية وخفضها إلى السجن سبع سنوات للمحاولة وإدغام هذه العقوبات، على أن تنفذ بحقه العقوبة الأشد وهي السجن 13 سنة وتجريده من حقوقه المدنية ومصادرة المضبوطات والمبلغ المضبوط لمصلحة خزينة الجيش والبالغ 170 ألف دولار، وهو المبلغ الذي سلمه سماحة لكفوري مع المتفجرات لتنفيذ أعمال التفجير.
مشاركة :