في مؤشر جديد على استمرار التجاذب السياسي في ليبيا بين الحكومات الثلاث المتواجدة على الأرض عمليا ورسميا، نفت أمس الحكومة الانتقالية المعترف بها دوليا في شرق البلاد ما أشيع عن قيامها بإيداع إيرادات النفط في حساب تابع لحكومة الوفاق الوطني، المقترحة من بعثة الأمم المتحدة، والتي يرأسها فائز السراج. واعتبر ناطق رسمي باسم الحكومة، التي تتخذ من مدينة البيضاء مقرا لها برئاسة عبد الله الثني، أن هذه الأخبار عارية عن الصحة جُملة وتفصيلاً ومجرد شائعات، لافتا النظر إلى أن الرسالة التي يتم تداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي مزورة، مؤكدا أن إيرادات النفط لن تدخل في حساب تابع لحكومة السراج إلا بعد منحها الثقة من مجلس النواب. كما كرر نفس الموقف رئيس المؤسسة الوطنية للنفط ناجي المغربي، الذي قال لوكالة الأنباء الليبية الرسمية إن هذا لن يحدث إلا بعد المُصادقة ومنح الثقة لحكومة السراج من قبل مجلس النواب، الذي طالبه في المقابل بالقيام بواجباته تجاه الشعب الليبي. وبالإضافة إلى حكومتي الثني والسراج، توجد حكومة الإنقاذ الوطني التي يترأسها خليفة الغويل، والتي تحظى بتأييد البرلمان المنتهية ولايته والميليشيات المسلحة التابعة له. وترفض حكومتا الثني والغويل تسليم السلطة رسميا إلى السراج، الذي ما زال ينتظر موافقة مجلس النواب على اعتماد النسخة الثانية من حكومته الجديدة، التي لم تمارس عملها بعد. لكن أحمد معيتيق، نائب السراج، أعلن أمس أن المجلس الرئاسي للحكومة الجديدة يتسلم السلطات من حكومة الغويل بطريقة سلسة، رغم اعتراض الغويل، مؤكدا في تصريحات له أن حكومة السراج هي من تسير الإدارة العليا للدولة حاليا، وقال بهذا الخصوص «لم نر تشبثا بالسلطة من قبل وزراء حكومة الغويل.. فهم يمدون يد العون لنا رغم اعتراض الغويل»، الذي طالب بأن يتم تسليم السلطة عبر المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته. وقال: «إنه رغم حالة عدم الثقة داخل برلمان طبرق، لكننا مصرون على العمل تحت شرعيته»، مشيرا إلى أن المجلس الرئاسي ينتظر عقد جلسة مكتملة النصاب من البرلمان لمنح الثقة لحكومة السراج، قبل عرض خططها على البرلمان. وأمس تم الإعلان رسميا عن أن مجلس النواب سيجتمع بمقره في مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي قبل الثامن عشر من الشهر الجاري، وذلك للتصويت على منح الثقة لحكومة السراج، إذ قال أعضاء ومسؤولون في البرلمان المعترف به دوليا بأن رئيسه المستشار عقيلة صالح بصدد توجيه دعوات رسمية إلى كل أعضاء البرلمان لعقد الجلسة، تمهيدا لحسم مصير حكومة السراج. وأعلن محمد شعيب، نائب صالح، الذي شدد على أن برلمان طبرق هو صاحب الحق الأصيل في منح الثقة من عدمها للحكومة، أنه في حالة عدم منح المجلس الثقة لحكومة السراج فإنه ستتم دعوة لجنة الحوار السياسي إلى اجتماع لاحق لدراسة الوضع الناتج عن ذلك. إلى ذلك، أعلنت قوة الردع الخاصة عن حدوث بعض الاشتباكات في منطقة زاوية الدهماني بالعاصمة طرابلس، وذلك بسبب ما وصفته بسوء فهم بين الكتيبة 155. التابعة للجيش الليبي، والفرقة الأمنية السادسة، التابعة للأمن المركزي، إذ قالت القوة عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» «إن قوة الردع الخاصة تدخلت بعد ذلك، وتم حل الخلاف، وعادت الأمور إلى ما هي عليه». وهذه هي أحدث اشتباكات من نوعها في طرابلس منذ دخول السراج على رأس المجلس الرئاسي لحكومته المدعومة من الأمم المتحدة نهاية الشهر الماضي إلى المدينة.
مشاركة :