جرت العادة في الوزارات المتعاقبة في الكويت أن من يتولى الوزارة إما أن يبقى أبد دهره، أو أن يغير سريعاً ببديل يَجُبُ كل انجازاته ويبدأ لا من حيث انتهى، بل يبدأ بداية الصفر في سباق محموم على تحقيق نجاحات هلامية سريعة تتلاشى سريعاً، والهدف هو الفوز على البقاء في المنصب والتمتع بامتيازاته. والتشكيل الوزاري في دولتنا الحبيبة شئنا أم أبينا لا يخرج البتة - كما جرت العادة - عن المحاصصة التي يُراعى فيها مكونات المجتمع الكويتي قبلياً وطائفياً وحزبياً وعائلياً، وإما أن يُصار إلى التدوير في الوزارات، ولا يخلو الأمر برمته من المجاملة أو رد الجميل أو رد الاعتبار لوزراء لم ينجحوا في تحقيق متطلبات التنمية المستدامة من خلال تقلدهم لمناصبهم الوزارية. وكثرة تعاقب الوزارات له بلا ريب له معايبه، فالوزير ما إن يبدأ بفهم متطلبات وزارته فإنه يتغير وفق معطيات لا تتوافق منطقياً مع حاجة التنمية التي تتطلب المتابعة لسير العمل وصولاً للنتائج المتوخاة، وهذه المعايب هي أحد الأسباب الرئيسة التي حالت دون تحقيق خطط التنمية ووصولها لأهدافها. وجرت العادة أيضاً أن يتولى منصب الوزارة من يُظن أنه أتى من رحم التخصص في وزارته أو هو قريب منها، لكن الأمر في مثاليته أن من يتقلد المنصب الوزاري له القدرة الفائقة في إدارتها وهو علم قائم بذاته قد يفتقده من يتولى الوزارة رغم كونه في ذات تخصص الوزارة، فهناك متطلبات في علم الإدارة معروفة لا يمكن تجاوزها، فليس كل صاحب اختصاص له القدرة على إدارة وزارته ما لم يكن عارفاً بمتطلبات الإدارة في وزارته ليحقق النجاح المنشود، وبعبارة أخرى: ليس كل صاحب تخصص له القدرة الإدارية على إدارة وزارته، فالإدارة الناجحة هي التي تسير وفق فرضيات إدارية مرسومة بإحكام وصولاً إلى مسلمات تمثل النجاحات التي تُحَقِقَ كل هدف يوضع. أما عن التدوير فله محاسنه ومعايبه، أما المحاسن فقد تكون من خلال وزير يملك الكفاءة الإدارية في وزارة ما وقد حقق كل ما تصبو إليه وزارته من نجاحات، ثم يُنقل إلى وزارة أخرى ليحقق لها ذات النجاحات التي تحققت في وزارته الأولى بفضل كفاءته الإدارية، وهذه الفئة من الوزراء نادرة وخلَّاقة ولا يمكن التفريط بها بحال لأنها تمتلك مقومات النجاح الإداري، أما عن مساوئ التدوير الوزاري أن يكون التدوير بلا هدف مقصود، فقد ينقل وزير إلى وزارة أخرى ولم يحقق النجاح في الأولى ليضيف إلى الوزارة الجديدة فشلاً إدارياً لا يمكن قبوله، وقد يُنقل أيضاً إلى وزارة لا تتناسب بتاتاً مع تخصصه فيقف مكتوف اليدين لا ناقة له في وزارته ولا جمل، وإنما يُسلم جلَّ أمره إلى العارفين بأمورها من وزارته وقد يكون هؤلاء أبعد ما يكون عن التخطيط والتجديد وتحقيق خطط التنمية المستدامة. إن المثالية في أي منصب وزاري أن تجتمع الخصلتان في الوزير المعين: خصلة التخصص الدقيق العارف ببواطن الأمور، وخصلة المعرفة الإدارية ومتطلباتها التي تمكنه من القيادة والريادة وصولاً لتحقيق الأهداف المرسومة لخطط التنمية في وزارته. ودون السير وفق هذا النهج القويم لن تستقيم الأمور، ولن نسابق الزمن في تحقيق ما نصبو إليه، وخاصة في زمن نمتلك فيه الملاءة المالية التي تمكننا من تحقيق نجاحات سريعة على أرض الوطن ولخير أبناء الوطن. نقول ختاماً: كفانا السير في تقلد الوزارات وفق المحاصصة والتدوير، فلم يعد الأمر مقبولاً البتة ونحن ننظر إلى نجاحات قد تحققت لدول خليجية وعربية وعالمية لا تمتلك ما نمتلكه من المال، ومن الرجال، ومن عقول المبدعين من أبنائها.
مشاركة :