المنطقة العربية أضحت ساحة صراع إقليمي ودولي، تتسابق فيها إسرائيل وأميركا وحلفاؤها، وإيران وحلفاؤها على تقاسم النفوذ والمصالح، على حساب العرب ومصالحهم وأمنهم، أي خلاف بين المتصارعين السابقين الذكر، يدار في أرض العرب وبأدوات عربية، يخسر فيه العرب من دمائهم وثرواتهم واستقرارهم الكثير. في يوم الاثنين الأول من إبريل 2024م ضربت إسرائيل القنصلية الإيرانية في دمشق فقتلت محمد رضا زاهدي قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني في سوريا ولبنان، وعددا من المستشارين الإيرانيين، وأفرادا من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني، كانوا متواجدين في القنصلية. بالطبع سترد إيران بتصريحات نارية، وستتوعد بالرد، الذي سيكون بأدوات عربية، وفي أرض عربية، وعلى حساب العرب، ستوعز إيران للمليشيات الحوثية بتكثيف عمليات القرصنة في البحر الأحمر، التي سينتج عنها استمرار انتهاك السيادة اليمنية من قبل تحالف حارس الازدهار، عبر استمرار استباحة الأجواء والمياه اليمنية، بمبرر حماية وتأمين تدفق التجارة الحر في البحر الأحمر وخليج عدن وباب المندب، ناهيك عن الأضرار الاقتصادية التي ستلحق بالمواطن اليمني، المنهك من الحرب منذ أكثر من تسع سنوات. من المتوقع أيضا أن تحرك طهران وكيلها في لبنان حزب الله اللبناني، وتكلفه بالقيام ببعض الهجمات الصاروخية غير المؤثرة على أهداف داخل إسرائيل، أو تنفيذ بعض الاشتباكات المتقطعة في جنوب لبنان مع جنود للاحتلال الإسرائيلي، ما قد يدفع الكيان الإسرائيلي للرد على مناوشات حزب الله، بشن هجمات عسكرية على أهداف اقتصادية لبنانية أو مدنية، تلحق أضراراً كبيرة بالشعب اللبناني في المقام الأول، دون أن تلحق حزب الله أي أضرار، تضعف من قدراته العسكرية لصالح بقية القوى اللبنانية غير المحسوبة على المحور الإيراني. لو افترضنا زيادة حدة التوترات بين إسرائيل وإيران، وإقدام إسرائيل على قصف أهداف داخل إيران، فإن ردود فعل طهران، لن تتجاوز تحريك وكلائها في المنطقة العربية، في اليمن والعراق وسوريا ولبنان؛ لاستهداف مصالح وأهداف أميركية أو لها علاقة بإسرائيل، ولا نستبعد أن تحرك إيران أدواتها في الدول العربية الأربع، التي باتت تسيطر على قرارها العسكري والسياسي، عبر ميليشياتها المسلحة، لخلق مزيد من الفوضى، وتهديد دول الجوار لاسيما عودة استهداف المليشيات الحوثية المملكة العربية السعودية، المصنفة في نظر الحوثيين ونظر طهران بأنها دولة معادية لطهران، كونها تعد ضمن الدول الحليفة لواشنطن الداعمة للكيان الإسرائيلي. الخلاف الإسرائيلي الأميركي مع إيران خلاف مصالح وتبادل أدوار بينها، في إطار تقاسم المصالح الاقتصادية والنفوذ؛ إذ تمثل أدوات إيران الميليشاوية في المنطقة العربية حوائط صد للنظام الإيراني، وأوراقا تلعب بها إيران؛ للحافظ على مكاسبها السياسية والعسكرية، لاسيما البرنامج النووي الإيراني، وتحت شعار إيراني خادع محور مقاومة إسرائيل، تستعطف من خلاله الشعوب العربية والإسلامية، وتشرعن لميليشياتها وتدخلاتها التدميرية في المنطقة العربية.
مشاركة :