أرجأت محكمة جنايات القاهرة أمس ثاني جلسات محاكمة الرئيس المصري المعزول محمد مرسي و14 من مستشاريه وقيادات وأعضاء جماعة «الإخوان المسلمين» وحلفائها في اتهامهم بالقتل والتحريض على قتل متظاهرين أمام قصر الاتحادية الرئاسي في كانون الأول (ديسمبر) 2012. وغاب مرسي عن جلسة محاكمته أمس، ما دفع المحكمة إلى إرجائها، وسط جدل في شأن أسباب غيابه، ففي حين أعلنت وزارة الداخلية أن سوء الأحوال الجوية حال دون نقله من محبسه في سجن برج العرب في الإسكندرية إلى أكاديمية الشرطة في ضاحية التجمع الخامس في القاهرة، قال القيادي في جماعة الإخوان عصام العريان لدى مثوله في قفص الاتهام أمس، إن «الرئيس يرفض الحضور إلى المحاكمة». وكانت المحكمة انعقدت أمس وسط إجراءات أمنية مشددة، فيما اندلعت اشتباكات عنيفة بين قوات الشرطة وأنصار مرسي في حي مدينة نصر شرق القاهرة ومدينة الإسكندرية شمال البلاد. وفور أن اعتلت هيئة المحكمة المنصة، أعلن رئيسها القاضي أحمد صبري يوسف أنها تلقت مذكرة من وزارة الداخلية تفيد بتعذر إحضار المتهم محمد مرسي من محبسه في سجن برج العرب، «نظراً إلى سوء الأحوال الجوية، طبقاً لما أكده خبراء الطيران والأرصاد، وعليه قررت المحكمة إرجاء الجلسة إلى أول شباط (فبراير) المقبل لإحضار المتهم من محبسه». ولم تستغرق الجلسة سوى دقائق، تلا خلالها رئيس المحكمة قرارها وحاول أحد المحامين مقاطعته، فما كان من رئيس المحكمة إلا أن نهره في شدة، مهدداً إياه بالطرد من القاعة إن قاطع المحكمة مجدداً، فيما بدا محاولة لتبديد انطباع سابق بعدم قدرة المحكمة على السيطرة على الفوضى التي سادت القاعة في الجلسة الأولى التي عقدت في 4 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي وحضرها مرسي. وكانت قوات الأمن شرعت في إدخال المتهمين الموقوفين إلى قفص الاتهام قبل حضور القضاة بفترة، وما إن دخل العريان يليه القيادي السلفي جمال صابر القفص حتى هتف الأول بأن المتهمين أُجبروا على الحضور إلى المحكمة. وقال: «نرفض المثول أمام المحكمة وأُجبرنا على الحضور... موقف الرئيس مرسي هو رفض الحضور والرئيس موجود تحت الإقامة الجبرية. سنرفض حضور كل الجلسات (لكن) أجبرنا على الحضور بالقوة». وأضاف: «نحن متمسكون بما قلناه في الجلسة الماضية، من أن المحاكمة غير عادلة وغير قانونية، وأن الرئيس محمد مرسي هو الرئيس الشرعي المنتخب للبلاد، ونحن على ثقة بأن موقفه مماثل لموقفنا في رفضه للمحاكمة جملة وتفصيلاً لأنها محاكمة انتقامية وغير عادلة... نرفض الزج بالقضاء المصري العظيم في السياسة ويجب أن ينزه القضاء عن المحاكمات الانتقامية السياسية». ولوّح العريان بشعار «رابعة»، وسعت الشرطة إلى إيقافه عن الحديث، لكن بلا جدوى وسط ضجة وفوضى في قاعة المحكمة وصراخ من المحامين لإجباره على عدم الحديث وهتافات من مؤيدين لمرسي و «الإخوان» تأييداً للجماعة. وبعدما تعالت الصيحات في القاعة، سارعت قوات الأمن إلى إعادة العريان وصابر إلى خارج القفص ليتوارى كل المتهمين حتى قبل اعتلاء هيئة المحكمة المنصة بدقائق. ودخل 7 متهمين القفص مرتدين زي الحبس الاحتياطي، وهم نائب رئيس ديوان رئيس الجمهورية السابق أسعد الشيخة، ومدير مكتب الرئيس السابق أحمد عبدالعاطي، والمستشار الأمني للرئيس السابق أيمن هدهد، والقياديان في «الإخوان» عصام العريان ومحمد البلتاجي، وعضو الجماعة علاء حمزة، والقيادي السلفي جمال صابر، فيما يظل 7 متهمين في حال فرار. ولوّح المتهمون في القفص بشعارات «رابعة»، وهتف بعضهم: «يسقط يسقط حكم العسكر»، وظلوا يرددون: «باطل» أثناء تلاوة رئيس المحكمة بيانها. ونفى وزير الداخلية في تصريح ما أثير عن غياب مرسي عن جلسة المحاكمة بسبب رفضه الحضور، مؤكداً أن المروحية المخصصة لنقل مرسي إلى أكاديمية الشرطة كانت موجودة في سجن برج العرب وقائدها «خشي الإقلاع لسوء الأحوال الجوية». لكن سكاناً في المدينة الساحلية أكدوا أن الأحوال الجوية فيها مستقرة والسماء مشمسة، كما أن مصادر ملاحية أكدت أن العمل منتظم في مطار برج العرب القريب من السجن، ولم يتم إرجاء أو تأجيل أي رحلات جوية فيه. وحمّل «تحالف دعم الشرعية» المؤيد لمرسي في بيان «سلطات الانقلاب»، في إشارة إلى الحكم الموقت، مسؤولية سلامة «الرئيس الشرعي المختطف»، محذراً من أن «تعرض الرئيس لأي مكروه يضع الوطن في مواجهة المجهول». وقال نجل الرئيس المعزول أسامة مرسي، إنه تم منعه من حضور جلسة المحاكمة «من دون سند قانوني». وأضاف في تدوينة على صفحته على موقع «فايسبوك»، أنه «عضو في هيئة الدفاع عن بقية المتهمين»، وأن موقف والده «ثابت وواضح وهو أنه لن يعترف أبداً بتحقيقات أو محاكمات لا تحترم الشرعية الدستورية». وكانت مواجهات محدودة وقعت بين عشرات من أنصار مرسي ومعارضيه أمام أكاديمية الشرطة حيث مقر انعقاد المحاكمة. وألقى الأمن القبض على أكثر من 10 أشخاص من أنصار مرسي. لكن اشتباكات أعنف وقعت أمام مسجد السلام الذي تنطلق منه تظاهرات «الإخوان» في حي مدينة نصر. وشوهد متظاهرون يضرمون النيران في سيارتين بعدما أغلقوا طريقاً رئيسياً شرق القاهرة، كما أضرم آخرون النيران في سيارة نقل جنود تابعة للشرطة. وأشعل غاضبون يرفعون صوراً لمرسي وإشارات «رابعة» النيران في إطارات سيارات. وأطلقت قوات الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين لتفريقهم، وطاردت بعضهم في شوارع جانبية وأوقفت عدداً منهم. كما وقعت اشتباكات عنيفة بين طلاب «الإخوان» والشرطة أمام المدينة الجامعية لطلاب الأزهر في مدينة نصر. وأشعل الطلاب إطارات سيارات أمام باب المدينة، وأطلقت الشرطة قنابل الغاز نحوهم لتفريقهم وطاردتهم داخل المدينة لمنع خروجهم مجدداً إلى الشارع. ووقعت اشتباكات مماثلة بين أنصار «الإخوان» والشرطة في مناطق متفرقة من مدينة الإسكندرية الساحلية، وأطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين وأوقفت عدداً منهم. ووقعت اشتباكات بين قوات الشرطة وطلاب «الإخوان» في محيط جامعة الأزهر فرع أسيوط جنوب مصر. وألقت الشرطة القبض على عدد من الطلاب. من جهة أخرى، ألغت محكمة النظر في استئناف مؤسس «حركة شباب 6 أبريل» أحمد ماهر والقيادي فيها محمد عادل والناشط أحمد دومة ضد حكم حبسهم 3 سنوات بتهم مخالفة قانون التظاهر والاعتداء على قوات الشرطة، «لأسباب أمنية».
مشاركة :