تونس تسعى لوضع حدّ لاستشراء الفساد في قطاع التعليم | خالد هدوي | صحيفة العرب

  • 4/16/2024
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تونس - اتخذت وزارة التربية في تونس حزمة من الإجراءات بهدف وضع حد لاستشراء الفساد بأنواعه ومنع مزيد تغلغله في المنظومة التربوية والمرفق العمومي، وذلك من خلال تأسيس خلية لتلقي ملفات الفساد. ويقول مراقبون إن وزارة التربية بمختلف هياكلها ليست بمعزل عن ممارسات الفساد التي نخرت جل المؤسسات بعد ثورة يناير 2011، على غرار الفساد المالي والإداري وسوء التصرف والحوكمة في الموارد، بالإضافة إلى ملف الشهادات المزوّرة والمحسوبية وخدمة المصالح الضيقة على حساب المصالح العامة. وقررت وزارة التربية بعث خلية استقبال لملفات الفساد في صيغتها الورقية تعود بالنظر إلى الخلية المركزية للحوكمة بالوزارة وتحت الإشراف المباشر لوزيرة التربية، على أن يتم الشروع في اعتماد هذا التمشي بداية من 30 أبريل 2024. وأوضحت الوزارة، في بلاغ لها، أن بعث هذه الخلية يأتي في سياق حرص الدولة ووزارة التربية على وضع حد لاستشراء الفساد بأنواعه ومنع مزيد تغلغله في المنظومة التربوية والمرفق العمومي. فريد الشويخي: الفساد في التعليم يبدأ من برامج التدريس وجداول الأوقات فريد الشويخي: الفساد في التعليم يبدأ من برامج التدريس وجداول الأوقات وتكون الملفات، وفق ذات المصدر، ممضاة من المعنيين بالشأن ومرفقة وجوبا بنسخة من بطاقة التعريف الوطنية، ولا تقبل المراسلات الإلكترونية أو الاتصالات الهاتفية مع أيّ كان. كما لا تقبل الرسائل مجهولة المصدر. ويجري إيداع الملفات حضوريا بمكتب الخلية أو بمكتب الضبط المركزي بالوزارة أو عبر البريد مضمون الوصول على عنوان الوزارة: وزارة التربية – شارع باب بنات – 1019 تونس. وتأتي هذه الخطوة، بعد مرور أيام قليلة على تعيين سلوى العباسي كوزيرة جديدة للتربية خلفا لمحمد علي البوغديري بعدما اعتبرت السلطة أنه قصّر في فتح ملف تزوير شهادات علمية، في مسعى للنهوض بالقطاع الحيوي وتحسين مستوى الخدمات. والعباسي هي أوّل امرأة تقود وزارة التربية، وهي وزارة مهمة وذات ثقل واسع من حيث عدد المنخرطين، وتعرف خلافات كبيرة مع النقابيين حول عدّة ملفات وعلى رأسها المطالب الماديّة للمدرسين. وأفاد فريد الشويخي المتخصص في علم النفس التربوي أن “المنظومة التربوية برمتها في حاجة إلى المراجعة، وفهمت السلطة ذلك فتحركت بإجراء تغيير على رأس الوزارة مؤخرا، والوزيرة الجديدة سلوى العباسي جاءت لمهمة محاربة الفساد في القطاع”. وأكد في تصريح لـ”العرب” أن “الفساد في قطاع التعليم يبدأ من برامج التدريس وجداول الأوقات التي تراعي فيها مصالح المدرس على حساب التلميذ والتنظيم البيداغوجي الذي أصبح غير متّبع بالشكل المطلوب”. واعتبر الشويخي أنه “من الناحية المالية فوزارة التربية تشبه جميع الوزارات، حيث يغيب الاستثمار في الأشياء المهمة والاقتصار على أشياء ثانوية مثل الندوات والمؤتمرات دون الانكباب على ترميم مدرسة أو غيرها”. وبخصوص الشهادات المزورة، أكد الخبير في شؤون التربية أن “كل وزارة لديها ملفات للموظفين، وبالتالي يمكن تخصيص لجنة للقيام بتدقيقها ثم البت في مصدر تلك الشهادات إن كانت أصلية أو مزورة”، مشيرا إلى أن “ملف الفساد أعمق بكثير مما يعتقد البعض، وبالتالي لا بد من إرادة سياسية ببرنامج ورؤية وأهداف واضحة مسبقا لإصلاح هذا القطاع”. واعتبر متخصصون في المجال أن الفساد مرض ينخر عظام منظومة التعليم ويستوجب إجراءات آنية وعاجلة، لكن القضاء عليه يتطلب سنوات ويمرّ حتما عبر وضع رؤية ورسالة جديدة للمدرسة بسلطة وإدارة ومدرسين وأولياء وإعلاميين مسؤولين منخرطين في العصر الرقمي. مراقبون يؤكدون أن وزارة التربية بمختلف هياكلها ليست بمعزل عن ممارسات الفساد التي نخرت جل المؤسسات بعد ثورة يناير 2011 وقال عامر الجريدي، الباحث في سياسات التعليم والأمين العام للمنظمة العربية للأسرة والتنمية الاجتماعية، إن “الفساد في التعليم ‘سياسي’ (بمعنى السياسات القطاعية)، وإداري، و’تدريسي’، وأسري، ومالي ومردّه غياب المنهجية في رسم السياسات العمومية، وغياب المسؤولية في صميم الرسالة التربوية للمدرسة والمدرّس”. وأكد لـ”العرب” أنه “لئن حظي القطاع بإرادة سياسية راسخة من أعلى هرم الدولة، فهو لا زال يفتقر إلى الطريق المؤدّية إلى إفراز رؤية جديدة للمدرسة لا يمكن إلاّ أن تكون ‘مسؤولة’ و’ذكيّة’ ومنطلقا لوضع سياسة للمدرسة الجديدة المفضية إلى منظومة ناجزة، وذاك هو ‘الفساد’ المقصود على المستوى السياسي”. ولفت الجريدي إلى أن “الفساد الإداري كما هو معلوم يهمّ الترقيات غير المستندة على الكفاءة، وتعيين المسؤولين الإداريين وتوظيف المدرّسين غير الأكفّاء وغير المؤهّلين وغير المتشبّعين برسالتهم التربوية، إضافة إلى المحاباة، والرشوة، و’بيع’ الشهادات العلمية، أمّا الفساد ‘التدريسي’، فهو إفراز لكلّ أوجه فساد المنظومة التعليمية من حيث عدم أهلية بعض المدرّسين و’التجارة’ في إسناد الأعداد والتمييز والمحاباة وتسريب مواضيع الفروض”. ويعود ملف الشهادات العلمية المزورة إلى ما بعد 2011، مع تنامى المطلبية الاجتماعية والتجاء الدولة إلى التشغيل في الوظيفة العمومية، لامتصاص غضب العاطلين من العمل المحتجين في الشارع.

مشاركة :