* أصدق تعريف للصحافة -في رأيي- هو أنها «إزعاج السلطات».. الصحفي الذي لا يكتب شيئاً يزعج إدارة مهملة، أو يُحرِّك دماء مؤسسة مقصّرة، أو (ينظف) تلافيف عقل متكلس هو صحفي ميت، أو فاسد بالضرورة، فالسكوت عن الخطأ لا يقل إثمًا ولا جرماً عن التطبيل والتبرير له. * كلما شاهدت أو سمعت عن تكريم إعلامي من قبل إدارة أو جهة خدمية أجدني عاجزاً عن تقديم حسن النوايا، فالصحفي بطبيعة عمله كائن مزعج ومثير للقلق أينما حلّ، وبما أننا مجتمع يكره النقد ويعتبره منقصة وسُبّة، فإن التكريم لا يخرج -في ظني- عن احتمالين: إما أن (المُكرّم) قد قدّم خدمة (لوجستية) عظيمة فأرادت الجهة المقصرة مكافأته.. أو أن الجهة المُقصِّرة أرادت تحييده وشراء ولائه، وفي كلا الحالتين فإن (المكرّم) يقف في المكان الخطأ. * الجهات التي تثق بعملها لا تحتاج لمداهنة أحد، والصحفي النزيه بالمقابل ليس بحاجة شهادة؛ غير شهادة الناس والجهات الصحافية والنقابية المتخصصة.. يمكنني تفهُّم حصول إعلامي على مجاملة جهة لمرّة أو حتى مرتين، لكن أن يكون عدد (الهدايا) والجوائز لدى البعض أكثر من عدد أعماله، ناهيك عما يحصل عليه من خدمات وتسهيلات من تحت الطاولة. فهذا أمر معيب يجب أن يخجل منه الإعلامي، لا أن يفخر به. * الصحفي صاحب مهمة مقدسة في البحث عن الحقيقة ومساعدة أجهزة الدولة الرقابية في متابعة أوجه الفساد والقصور، لذا فإنه يجب أن يكون بعيداً عن كل ما يُؤثِّر على صورته (القضائية)، لكن البعض للأسف لا يتوقَّف عند قبول هدايا وأعطيات بعض المسؤولين، بل تجده يلهث خلف كل فرصة تقرّبه من غنائمهم، فتُغلّ يده ويُشلّ لسانه، وتُعمَى عينه عن كل عيوب (معزّبه)، بل قد يتعدى البعض حالة (الشيطان الأخرس) وصولاً لحالة (الشيطان المدّاح) الذي يتكسَّب بالمديح الكاذب، ويتعيّش على تلميع الفاسدين والفاشلين. * احثوا التراب في وجوه (المداحين)، وكل مَن يُزيِّفون الحقيقة. m.albiladi@gmail.com
مشاركة :