والحق فإن هذه الأسئلة ترافقت مع أسئلة أكثر إلحاحاً يومها، كسؤال التركيبة السكانية وتأثيرات الخلل الديموغرافي على الثقافة والهوية. وكذلك الأمن، واستمر صعود المشروع التنموي محققاً نتائجه العظيمة، بينما تناثرت الأسئلة على جانبي الطريق دون أن تحظى باهتمام البحث الحقيقي عن مخارج وليس مجرد إجابات. كانت تلك أسئلة الوعي بقدر ما كانت أسئلة الضرورة والحرص، ولقد أسهم مثقفون إماراتيون معروفون بطرحها، إن في أعمدة الرأي أو عبر المقالات والدراسات التحليلية في الصحف وفي بعض المجلات، ولعل مجلة الأزمنة العربية أحد أشهر المنابر التي ساهمت في ذلك، كما برزت العديد من أسماء المثقفين الذين طرحوا أسئلة الثقافة والهوية وتحديات التركيبة السكانية وغيرها، عبر مقالات سنوات التسعينيات والسنوات الأولى من الألفية الثالثة. لا بد من الإشارة إلى أن الإمارات في تلك السنوات المبكرة قد شهدت تأسيس الكثير من المؤسسات والأندية والمبادرات الثقافية، كما أطلقت بل وتبنت إنشاء مؤسسات أهلية تحت مسمى (جمعيات النفع العام) كنوع من تمكين المثقفين الإماراتيين وإشراكهم في صناعة وإثراء المشهد الثقافي، وقد صدر بشأن هذه الجمعيات قانون مفصل، وأوكل أمر الإشراف عليه لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية، وكان للثقافة والإعلام نصيب وافر من هذه الجمعيات. اليوم وبعد مضي أربعين عاماً، وقد جرت مياه تحت جسور هذا المجتمع، ألا يستدعي وضع الجمعيات وقفة متأنية تعيد التفكير في شكل وأدوار الجمعيات ذات النفع العام (الثقافية منها على الأقل)، لإنتاج مؤسسات وبنى أكثر جدوى وجذباً واتساقاً مع متطلبات الحاضر. فكما كانت الحاجة دافعاً في تلك الأيام البعيدة لطرح الأسئلة، فإن الضرورة نفسها والتجربة التي عايشناها تفرض علينا اليوم الاستمرار في طرح الأسئلة حول مستقبل وأدوار (الجمعيات ذات النفع العام)، فهل تشكل هذه الجمعيات حاجة اجتماعية حقيقية؟ هل تقدم هذه الجمعيات إسهاماً فاعلاً ومؤثراً في مسار التنمية العامة؟ هل لا تزال تتواصل مع الشباب الذين من المفترض أن يكونوا هم الفئة المستهدفة بأنشطتها؟ هل يتوازى ما يرصد وما ينفق من أموال مع التفاعل الجماهيري ومقدار الفائدة المتحقق؟ وهل آن الأوان للبحث عن صيغ أخرى أكثر جذباً وفاعلية وتأثيراً؟ اقرأ أيضاً: جمعيات النفع العام .. إلى أين ؟ 1 ــ 2 Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :