وجد نحو 600 طالب وطالبة من النازحين في قطاع غزة أخيرا طريقهم إلى الفصول التعليمية واستأنفوا دراستهم بعد سبعة أشهر من الغياب بسبب الحرب الدامية والمتواصلة بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل منذ السابع من أكتوبر الماضي. ويتجمع الطلاب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 6 و15 عاما يومياً داخل خيمة من النايلون المقوى، وهي بمثابة مدرستهم الجديدة حيث يجلس المعلمون طلابهم على الأرض داخل الخيمة لتلقي دراساتهم اليومية. وتعد الرياضيات واللغة العربية والعلوم والقرآن الكريم والإنجليزية من المناهج الفلسطينية التي يقدمها للطلاب نحو 20 معلما ومعلمة نزحوا من منازلهم إلى مدينة رفح الحدودية أقصى جنوب القطاع. وقالت نهاد بدرية، إحدى المعلمات النازحات، لوكالة أنباء ((شينخوا)) بينما انتهت للتو من إعطاء الطلاب حصتهم التعليمية "كان من الصعب على طلابنا أن يخسروا مدارسهم وحياتهم التعليمية بسبب الحرب وقد فقدوا أيضا حقهم في مقابلة زملائهم في الفصل ما أثر سلبا على حالتهم النفسية". وأضافت نهاد (45 عاما) بينما تشير بيديها إلى حال الطلبة أن الحرب "لن تنتهي على ما يبدو في القريب وسيعاني أطفالنا من عواقبها، وأهمها حياتهم التعليمية وقد ينسون كل دراستهم بعد أشهر قليلة فقط". وتعيش نهاد في مخيم الخيام الذي أقيم في الجزء الغربي من مدينة رفح (المواصي)، وتقيم فيه نحو 5000 أسرة تضم أكثر من 2000 طفل معظمهم من الطلاب. وفي كثير من الأحيان، يقضي الأطفال أيامهم في اللعب في الشوارع دون القيام بأي أنشطة إيجابية من شأنها تطوير شخصياتهم، بحسب نهاد وهي مدرسة لغة عربية. وما زاد الأمر سوءا وفقا لها، هو تورط الأطفال في مشاجرات كثيرة وظهور علامات العنف والاعتداء عليهم بسبب الضغوط النفسية التي تعرضوا لها طوال فترة الحرب. ولهذا قررت نهاد مع مجموعة أخرى من زملائها في المخيم أخذ الأمر بأيديهم وإقامة المدرسة من الخيام لتشجيع الطلاب على أخذ أماكنهم داخلها. إلا أن مهمتهم لم تكن سهلة بسبب عدم توفر كافة متطلبات المدرسة وحتى الفصل الدراسي مثل المقاعد والسبورات والكتب المدرسية والأقلام وحتى الدفاتر. ي محاولة لتحقيق الهدف، أطلقت نهاد وزملاؤها حملة لجمع التبرعات لشراء دفاتر لطلابهم وحصلوا على نسخ من الكتب والمناهج المدرسية من وزارة التربية والتعليم الفلسطينية في القطاع. وقالت نهاد "بمجرد أن جهزنا مدرستنا ونسخ المناهج والدفاتر للطلاب، بدأنا مشروعنا لتعليم أطفالنا وأعدناهم إلى المدرسة". وتنفست نعمة أبو حجاج وهي طالبة من غزة في الصف السابع، الصعداء عندما انضمت إلى فصلها الدراسي مرة أخرى وأقامت صداقات جديدة مع زملائها في الفصل. وقالت نعمة، التي نزحت مع أسرتها منذ ستة أشهر إنه "على الرغم من قلة متطلبات المدرسة، إلا أنني سعيدة للغاية بالدراسة وكتابة دروسي". وتأمل نعمة العودة إلى منزلها وحيها ومدرستها وحياتها الطبيعية في أقرب وقت ممكن وتقول: "حتى ذلك الحين، سأستمتع بحياتي التعليمية الحالية". وتشعر شهد العماسي، وهي طالبة أخرى من غزة، بنفس السعادة، وقالت "أنا سعيدة للغاية بالعودة إلى كتابة دروسي في دفاتر ملاحظاتي مرة أخرى وقد افتقدت دروسي وأصدقائي وحتى المعلمين". ونعمة وشهد من بين 300 طالبة يذهبن إلى المدرسة ثلاثة أيام أسبوعيا، بينما تذهب بقية الطالبات البالغ عددهن 300 طالبة إلى المدرسة ثلاثة أيام أخرى بحسب نهاد بدرية. وقالت "حتى الآن لن يحصل الطلاب على شهادات، ولكن سيتم تحديثهم بدروسهم حتى إيجاد حل لمشكلة التعليم في غزة". ومنذ السابع من أكتوبر الماضي يتعرض القطاع الساحلي المحاصر لحرب إسرائيلية واسعة النطاق، بعد أن نفذت حماس هجوما عسكريا غير مسبوق على البلدات الإسرائيلية المتاخمة لغزة. وفي ذلك الوقت، قتل مسلحو حماس ما لا يقل عن 1200 شخص وأسروا نحو 240 آخرين تم إطلاق سراح نحو نصف العدد في صفقة تبادل وفق مصادر إسرائيلية رسمية. وفي المقابل، قتل الجيش الإسرائيلي أكثر من 34 ألف فلسطيني وأصاب أكثر من 77 ألف آخرين، معظمهم من النساء والأطفال، وفقا لوزارة الصحة التي تديرها حماس. وقالت الوزارة إن من بين إجمالي الوفيات هناك 3700 طالب و200 معلم، فيما قالت وزارة التربية والتعليم إن ما لا يقل عن 352 مدرسة تضررت بسبب الهجمات الإسرائيلية، في حين تم تحويل المدارس المتبقية إلى ملاجئ للنازحين.■
مشاركة :