عصر القبائل الفرد يتراجع والحشد يتقدم في ظل ما بعد الحداثة

  • 5/9/2024
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

يطرح كتاب: "عصر القبائل- الفرد يتراجع والحشد يتقدم" لكاتبه عالم الاجتماع الفرنسي: ميشيل مافيزولي نظرة مستقبيلية للواقع البشري الكوني فيما يسميه ما بعد الحداثة، حيث ما عاد الفرد اليوم كما كان في الزمن الحداثي، ما عاد كينونة قارة وثابتة، حاملة للهوية مجردة، ممتعة، وواثقة من نفسها ومن يستطيع على صنع تاريخها، بل ونحت ملامحه أدواتية. ما أن تلتحم بنظيراتها المعتدة باستقلالها الذاتي حتى تندفع إلى هوليوود تاريخ العالم. فردان اليوم، وفي مجتمعنا ما بعد الحداثية، مدفوع دفعا بنزوع مجتمعي ليكون شريكا في هذا الاخ البرازيلي أو الأفريقي، يشعر، بكل كيانه، أنه منجذب، نحو مغناطيسي وسحري، إلى جمهرة من المبدعين أو المجموعات التي آثر ميشيل مافيزولي، على امتداد الكتاب، تسميتها بالقبائل، نعم: هي قبائلنا في حلتها الجديدة، قبائلنا ما بعد الحداثة. ووفرة هي المؤشرات الوطنية من الدالة الناشئة على النمو المتزايد للحساسية بالانتماء الجماعي أو القبلي، مناطق ومدن ومحافظات في العالم بات أهلها يتكاثفون ويتضامنون من أجل كينونتهم الجماعية. وعلى هذا الطريق تجدهم يلتفون حول رمز من كتابات جاعلين منه زعيمهم، ورائدهم في معركتهم. يرى مافيزوللي كمعالم اجتماع أنّ القبائل هي التي ستهيمن مستقبلاً على الأرض وليس المجتمعات، المجتمعات بمعناها القديم المتعارف عليه وبحمولاتها التاريخية والإيديولوجية ستنقرض. ‏وكذلك لن تسود الجماعات الكبرى بل ستسود المجموعات الصغرى المتّحدة بحسب قرابات انتقائية سيكون اتحادها أكثر قوة وفاعلية ومردودية. كذلك ستختفي النخب بمعناها الكلاسيكي ويتم ابتلاعها وهضمها في تنظيمات صغرى أكثر راديكالية. أما المثقف العضوي كما تصوره غرامشي فسيباد ويذوي في تاريخ الافكار الكلاسيكية. ‏مجتمعات ما بعد-الحداثة العتيدة لن تكون شيئاً آخر سوى القبائل، بمعناها الموغل في البدائية والبداوة (يستعمل مافيزوللي مصطلح الجماعوية بنفس المعنى)، أو النيو- قبائل، أي البدو مضاف إليهم الأنترنت والذكاء الاصطناعي ووسائط أخرى لا تزال مجهولة الآن... إنّها توليفٌ انثروفوبي مرعب بين القدامة والتقنية وموت الإنسان. ‏وهذه الجماعوية المحدثة تتوحد أكثر ما تتوحد انفعالياً وعاطفياً حول الصور، فالصورة لها أثر وقوة الطوطم في الشعوب البدائية، وأضحت هي المنتج الأعلى للقيم والدلالات والمحدد الرئيس لأنماط الاجتماع والحضور.

مشاركة :