قبل عام بالضبط، وقفت على أعلى قمة في العالم، أتأمل المنظر الخلّاب من ذروة جبل إيفرست. وبينما كنت أتأمل في ذلك الإنجاز التاريخي، تذكرت العقبات الجسدية التي واجهتها، والدروس العصيبة التي تعلمتها على طول هذه الرحلة. على الرغم من أنني نجحت في تسلُّق جميع القمم السبع حول العالم، إلا أن قمة إيفرست كانت فريدة من نوعها ومختلفة. إن تسلق إيفرست ليس مهمة هينة؛ بل اختبار قاسٍ لقدرة الإنسان على التحمُّل والثبات والمرونة. فالتضاريس الوعرة والبرد القارس والطقس الذي لا يمكن التنبؤ به ،بمثابة خصوم أقوياء، يختبرون باستمرار القوة البشرية والعزيمة. ومع ذلك، وسط المعاناة، هناك فرصة عميقة لاكتشاف الذات. إن اكتشاف رُفات المتسلقين على طول الطريق، والتي ظلت هناك لعقود، بمثابة تذّكير مؤلم بأن هذا الجبل لا يمكن الاستهانة به أبداً. ويعكس تسلُّق إيفرست رحلة الحياة نفسها. كل خطوة إلى الأمام محفوفة بالتحدّيات وخيبات الأمل وفترات من عدم اليقين. ومع ذلك، فإننا نكتشف قدراتنا الحقيقية فقط عندما نواجه هذه العقبات. لن أكذب عندما أعترف أن فكرة الاستسلام والرجوع راودتني أكثر من مرة. فبينما كنت أسير عبر المنحدرات الغادرة وأتحمل أقسى العواصف، وجدت في داخلي مخزونًا من القوة لم أكن أدركه أبدًا. في البداية، كانت لدى دليلي المرافق شكوك في قدرتي على الاستمرار وكان على وشك التراجع. لكنني فاجأت نفسي قبل أن أدهشه في اليوم التالي بأدائي المتميز وعزمي على تجاوز العقبات. إن الشدائد تجعلنا ندرك إمكاناتنا الكاملة من خلال الاستفادة من مصادر الشجاعة والمثابرة المدفونة في داخلنا. ولكن تسلُّق إيفرست لا يقتصر فقط على الوصول إلى القمة؛ بل يتعلق بالمغامرة في حدّ ذاتها. فطوال الرحلة، بنيت روابط قوية مع زملائي المتسلقين، واعتمدت عليهم للحصول على الدعم والتشجيع. يعلمك تسلُّق الجبال دروسًا مهمة وبعيدة المدى تتجاوز القمم الباردة. إنها بمثابة لوحات إرشادية على طريق الحياة، توفر رؤى أساسية حول طبيعة المثابرة والتصميم والإيمان بالنفس. أولاً وقبل كل شيء، علمني تسلُّق إيفرست قيمة تحديد أهداف طموحة والسعي لتحقيقها بعزم لا ينكسر. وفي الحياة، كما هو الحال في التسلُّق، من المهم أن نفكر بشكل كبير ونتجاوز حدود الممكن. إن تحديد أهداف طموحة يدفعنا إلى التطور والتوسع، مما يطلق العنان لمستويات جديدة من الإمكانات في داخلنا. الحياة تعج بالعقبات وخيبات الأمل، ولكن قدرتنا على تحمل وتجاوز الشدائد ،هي التي تحدد معدنتا الحقيقي. فمن خلال بناء عقلية قوية، يمكننا أن نتجاوز عواصف الحياة برشاقة وشجاعة، ونخرج منها أقوى وأكثر مرونة من ذي قبل. أخيرًا، علمني تسلُّق إيفرست قيمة مواجهة الخوف وعدم اليقين. في الجبال، كما في الحياة، الخوف هو رفيق لا مفر منه، يختبئ في مكنون عقولنا ويهدِّد بعرقلتنا. ولكن فقط من خلال مواجهة مخاوفنا وجهاً لوجه ،يمكننا التغلُّب عليها والخروج منتصرين. بينما أفكر في رحلتي إلى أعلى قمة في العالم، أشعر بالامتنان والدهشة في آن واحد. لقد اختبرني إيفرست بطرق لم أتخيلها أبدًا، ودفعني إلى أقصى حدود قدراتي البدنية والعقلية. ومع ذلك، فمن خلال هذه العقبات وجدت المدى الحقيقي لقوتي ومثابرتي. ولذلك، سأكون ممتنًا إلى الأبد لإيفرست.
مشاركة :