هل طال الحديث عليكم؟!.. الماء يستحق كل الكلام، والاهتمام، والجهد.. الماء يهم الجميع.. يستحق درجة الأولوية.. القلق على الماء مشروع.. أن يكون شغلنا الشاغل.. ليظل في دائرة الأهمية والاهتمام.. ليبقى محور التفكير الدائم والمتواصل.. لا تطغى عليه بقية الاهتمامات الأخرى.. لنجعله دوما الأغلى والأهم في حياتنا. أعود إلى السؤال الأهم.. محور حديث المقالات: هل التحلية خيار استراتيجي؟!.. كثير من الأسئلة طفت بقوة.. تشير إلى اقتناع بأنها خيارا استراتيجيا.. يسألون أسئلة تدل على قناعة مغروسة بفعل فاعل.. كنتيجة أصبحت أغرد خارج السرب.. هكذا حصل مع كل المواضيع التي طرحتها.. إلى أن اقتنع الجميع بما أقول.. لكن إذا فات الفوت ما ينفع الصوت. ناديت بوقف زراعة القمح مع بداية الثمانينيات من القرن الماضي.. كتبت موضوعا ساخرا بعنوان: القمح في السعودية والفراولة في الكويت.. لم أتوقع أن يتحول الأمر إلى قضية.. جعلتني أكرر الكتابة بشكل جاد ومستمر مع بداية تسعينيات القرن الماضي.. اتهموني بأني (أغرد خارج السرب).. والبعض قال عن مقالاتي (زوبعة في فنجان).. وبعد عقدين نفذوا كل ما قلت. تناولت بناء السدود وقلت بعدم جدواها في المناطق الجافة.. حذرت من التوسع في زراعة الأعلاف، والنخل، والزيتون والفواكه.. طالبت بوقفها بشكل تام.. ناديت بوقف نشاط الشركات الزراعية.. ناديت بإحياء الزراعة كمهنة.. ناديت باستبعاد الاستثمار في القطاع الزراعي من قبل رجال الأعمال وكبار الموظفين والمتنفذين.. ناديت بمنع المزارع الترفيهية.. ناديت بوقف ومنع حفر الآبار الارتوازية.. الخ.. أيضا تساءلت عن سر تجاهل وزارة الزراعة مناطق الدرع العربي المطيرة؟! في هذا المقال أطرح السؤال الأهم أمام الوزارات المعنية.. سؤال يتوقف عليه خطوات المستقبل.. سؤال يثير غيابه الكثير من علامات التعجب: ما هي التقديرات الرسمية للمياه الجوفية غير المتجددة في مناطق الصخور الرسوبية؟!.. هذا السؤال الأهم.. معرفته ضرورية لكل الخطط المستقبلية.. الجواب مهم كأهمية الماء.. هل هناك إجابة من وزارة الزراعة؟!.. هل هناك إجابة من وزارة الماء والكهرباء؟!.. لم أجد إجابة ثابتة.. وجدت إجابات جعلتنا كعلماء وباحثين في وضع غير صادق.. في وضع يثير الشك في علمنا، وفي توقعاتنا، وفي نتائج دراساتنا. من الأرقام الرسمية التي ظهرت في ثمانينيات القرن الماضي الميلادي، بنيت شخصيا، مع غيري، الكثير من الاستنتاجات والتوقعات.. كلها كانت غير صحيحة.. وظهر لي أن الرقم كان نغمة في أغنية المهازل التي نعيش.. قالت بوجود مخزون جوفي من المياه غير المتجددة يعادل (380) مليار متر مكعب.. وبعد ثلاثة عقود من ظهور هذا التقدير وجدنا أن الزراعة العشوائة استنزفت أكثر من (600) مليار مترمكعب.. ماذا يعني هذا في ظل التقدير السابق؟!.. صحيح هبط منسوب المياه الجوفية.. لكن هل نضبت المياه الجوفية من المملكة؟! في ظل التقدير الرسمي السابق يعني أن التحلية ضرورة ملحة وخيار استراتيجي لا غنى عنه.. لكن في عدم صحته يعني أن التحلية جزء من كذبة لقصة كبيرة نعيشها.. هل سنستمر في تجرع أبعاد موقف قصتها؟!.. لماذا كان ذلك التقدير؟!.. إجابة ضائعة ومغيّبة.. نبحث عنها فلا نجد إلا مشاريع تستنزف الأموال، وتهدد حتى حياة الأجيال القادمة.. في غياب الإجابة، من حق الفرد حبك أي احتمال، وتقديم أي تفسير.. كنتيجة هل هناك مؤامرة على مياهنا الجوفية، وعلى أموالنا، ومستقبلنا، وخيراتنا؟! كيف تدعي جهات رسمية بوجود (380) مليار متر مكعب.. ثم تسمح للزراعة باستنزاف أكثر من (600) مليار متر مكعب؟!.. كنتيجة نحن أمام خيارات.. منها أن الجهات المسؤولة لا تعرف شيئا عن هذا التقدير.. أو أنها تعرف وتتجاهل العواقب.. أو أن هذا التقدير كذبة أخرى كبيرة.. هل لديهم تقدير آخر؟!.. هل يعيش الجميع حالة العمى في أمر الماء والزراعة؟! ٭٭ كل شي جائز.. كل إجابة تبدو صحيحة.. كل احتمال مقبول.. متى تظهر الحقيقة؟!.. هل ستقدمها لنا وزارة المياه؟!.. السؤال ماذا قدمت لصالح المياه الجوفية؟!.. ما هي مشاريعها ودراساتها؟!.. ما خططها المستقبلية لحماية المياه الجوفية؟!.. هل لديها قوانين وأنظمة حماية؟!.. هل لديها خطة استراتيجية؟!.. الخ. التنظير في قضية المياه هو أقصى ما يستطيع كاتبكم فعله.. لكن أن يظهر علينا وزير المياه على شاشات التلفزة (ينظّر) مثل كاتبكم، فذلك هو المستغرب.. (تنظير) الوزير يثير علامات الاستفهام والتعجب.. هو في موقف المسؤولية وكاتبكم في موقف المتفرج.. ويستمر الحديث بعنوان آخر.
مشاركة :