العصر الحديث يفرض الاندماج ويحث على التغيير لمقاومة خطر الركود، فمن بديهيات هذا العصر لا يخضع للتحديات بل يتجاوزها ويتزامن الإنسان مع ما يدرك من متغيرات، فالبرهان على هذه الحقائق يرغم على التفاعل أملاً في حاضر مكتمل وليس النظر إلى ماض لا يعود، ففي حين تتنوع التقنيات وواقعها المبهر يؤسس الفرد علاقة هادفة مع هذه التقنيات المرتبطة بالواقع ارتباطاً كلياً وليس جزئياً. فكل حقبة من الزمن محكومة بواقعها ومعاييرها ومفاهيمها، وبذلك تتكيف المجتمعات والحشود على نظامها وسلوكها المألوف وتمسكهم بها يؤسس حياة تتواتر أحداثها بانتظام، ويتقبل المجتمع كل ماهو حديث وجديد لوجود وعي وإدراك يتقبل التطورات بكل أنواعها أملاً في الوصول لمصاف الدول المتقدمة تقنياً. فالحشد الإعلامي الذي يحدث اليوم يشمل المحيط الطبيعي لأي متغيرات ويمتد إلى آليتي القرار والتأثير وتهيئة الحشود أو بالأصح المجتمع لعصر ما بعد النفط، وهذا يتطلب عملاً مختلفاً خطط له الأمير محمد بن سلمان بهدوء ليقدم رؤية اقتصادية جريئة، في زمن يؤكد فيه الخبراء أن عصر النفط اقترب من نهايته، ومواجهة تحديات انخفاض أسعار النفط وتباطؤ الاقتصاد العالمي، فضلاً عن الزيادة المضطردة في عدد السكان. إن تلك التحديات التي يواجهها اقتصاد أغلب دول العالم تتطلب تدخل جهاز الدولة وتطوير أدواته لمعالجة الخلل والبحث عن خطط بديلة، وهذا ما لمسناه في الخطط التي أعلن عنها الأمير محمد بن سلمان بدءاً من برنامج التحول 2020، والصندوق السيادي الذي تبلغ قيمة أصوله تريليوني دولار، وصولاً إلى إعلان رؤية المملكة لتنويع مصادر دخل الاقتصاد الوطني والاستعداد لعصر ما بعد النفط ووقف هدر الإنفاق العمومي وكذلك الاستعانة بالخبراء. كما أن الإصلاحات لم تقتصر على الاقتصاد بل امتدت لتشمل المحيط البشري والتي لا تقل أهمية عن الاقتصاد، بل انها ركيزة الوطن وأساس التطور ووجه الحضارة الاقتصادية والسياسية والثقافية.. فالعمل والعزيمة توجدان مقراً رئيسياً للاستقرار وسوقاً رائجه تتطور جيلاً بعد جيل وتتفوق في المنافسة وفي القرارات الاستثمارية، وسيذكر التاريخ هذه الإنجازات العظيمة والعقول التي عملت بجد واجتهاد لصالح الوطن والمواطن وابتكرت الحلول والاستراتيجيات لمستقبل زاهر وحياة كريمة للشعب.
مشاركة :