إن التوتر بين إيران وإسرائيل له تاريخ طويل ومعقد ومتعدد الطبقات، إن الموقف الجيوسياسي والاختلافات الأيديولوجية والخطط الاستراتيجية الإقليمية لكلا الجانبين تشكل طبقات من هذا التوتر، هاجمت إسرائيل السفارة الإيرانية في دمشق، واغُتيل إسماعيل هنية، الزعيم السياسي لحركة حماس، في قلب طهران، الأمر الذي ألحق بالتالي الضرر بسيادة إيران الوطنية، وسلامتها الإقليمية، وكبريائها الوطني. وفي ظل هذا الصراع والتوتر، فإن السؤال الأساسي هو: ماذا سيكون رد إيران المحتمل؟ هل ستبدأ إيران حربًا شاملة؟ ماذا سيكون رد إيران على إسرائيل؟ 1- الاغتيالات المستهدفة للقادة الإسرائيليين أحد الردود التي قد تقدمها إيران لإسرائيل هو اغتيال شخصيات إسرائيلية رئيسية، ويعد هذا النهج بمثابة شكل مباشر من أشكال الانتقام ويسمح لإيران بضرب قلب القيادة الإسرائيلية، وسيكون الهدف الأساسي ذو شقين: أولًا، إرسال رسالة ردع قوية إلى قوة إسرائيل ونفوذها، وثانيًا، الإثبات للعالم وحلفائها ومواطنيها أن إيران لديها القدرة على استهداف قلب القيادة الإسرائيلية. بمعنى آخر، تهدف إيران إلى تحقيق هدفين بعمل واحد: الانتقام مع استعراض نفوذها داخل إسرائيل وتعزيز مكانتها بين حلفائها، ومع ذلك، فإن هذا الخيار أقل احتمالا. فمن ناحية، القدرة العملياتية لإيران داخل إسرائيل محدودة، مما يجعل مثل هذا الاغتيال المستهدف صعبًا من الناحية اللوجستية، ومن ناحية أخرى، فإن إسرائيل، بأجهزتها الأمنية، وبدعم من حلفائها الاستراتيجيين، مستعدة جيدًا للتعامل مع مثل هذه التهديدات، وهذه العوامل مجتمعة تقلل من احتمالية نجاح تنفيذ هذا الخيار. 2. الرد الدبلوماسي والناعم الرد المحتمل الآخر يتمثل في اتخاذ إجراءات دبلوماسية وناعمة، قد تصور إيران إسرائيل على أنها حكومة منتهكة للقانون ومحاربة تتجاهل القوانين والأنظمة الدولية وتسعى إلى خلق المزيد من التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة، ومن خلال إدانة سلوك إسرائيل علنًا باعتباره انتهاكًا للقواعد الدولية، تستطيع إيران رفع هذه القضية من مجرد نزاع ثنائي إلى مصدر قلق عالمي، ويمكن لإيران أن تسعى إلى إدانة سلوك إسرائيل وممارسة الضغط من خلال الوسائل الدبلوماسية وفي المنابر الدولية مثل الأمم المتحدة، بالإضافة إلى ذلك، يمكن لإيران متابعة الإجراءات القانونية من خلال المحاكم الدولية. 3. تكثيف الحروب بالوكالة ضد إسرائيل والخيار الآخر المحتمل للغاية هو شن حروب واسعة النطاق ومكثفة بالوكالة ضد إسرائيل، في هذا السيناريو، ستتضمن الخطوة الأولى قيام إيران بدعم حركة حماس بشكل كبير بالدعم المالي والأسلحة والاستخبارات والدعم السياسي. وتتجلى هذه الاستراتيجية في خلافة إسماعيل هنية ليحيى السنوار، المعروف بدعمه لتصعيد الصراع والدعوة إلى الحل العسكري، والذي يحتفظ بعلاقات وثيقة مع إيران، ومن الواضح أن إيران لعبت دورًا رئيسيًا في هذا الاختيار، بما يتماشى مع هدفها المتمثل في تكثيف الصراعات مع إسرائيل. بالإضافة إلى ذلك، ستواصل إيران دعم شبكتها من الجماعات الوكيلة في جميع أنحاء الشرق الأوسط، بما في ذلك حزب الله في لبنان وميليشيات مختلفة في سوريا والعراق، وعادة ما تعمل هذه الجماعات لصالح إيران في معظم الحالات. 4. الهجمات الصاروخية الاستعراضية والمناورات العسكرية قد يكون الرد المحتمل الآخر من إيران على إسرائيل هو شن هجمات عسكرية واسعة النطاق ولكن ذات عواقب منخفضة، وستكون هذه الهجمات البارزة بمثابة استعراض للقوة أكثر من كونها عملًا من أعمال الحرب، ويمكن أن تشمل ضربات صاروخية، أو مناورات بحرية في الممرات المائية الاستراتيجية، أو تدريبات عسكرية عامة بالقرب من المناطق المتنازع عليها، وحتى هجومًا مباشرًا سطحيًا. والغرض من مثل هذا الهجوم هو إظهار استعداد إيران وقدرتها على الدفاع عن مصالحها دون التصعيد إلى صراع واسع النطاق، وتهدف هذه الاستراتيجية إلى تعزيز الروح المعنوية الوطنية داخليًا وإظهار القوة للجماهير الإقليمية والعالمية، وتسليط الضوء على مرونة إيران وعمقها الاستراتيجيين. بناء على السيناريوهات المطروحة، يمكن الاستنتاج أن إيران تدرك تمام الإدراك أن الحرب الشاملة لن تخدم مصالحها في الوضع الجيوسياسي الحالي. ولذلك فإن حساباتها الاستراتيجية ستركز على خلق توازن بين الحاجة إلى الانتقام والحاجة إلى ضبط النفس، ومن خلال القيام بذلك، فإن هدف إيران هو الحفاظ على نفوذها الإقليمي وقدرات الردع دون التوجه نحو حرب أوسع، من المحتمل أن يكون رد إيران على تصرفات إسرائيل الأخيرة متعدد الأوجه، وينطوي على مجموعة من الخيارات المتعددة. وعلى وجه الخصوص، من المحتمل أن يكون مزيج من الحروب بالوكالة والهجمات الصاروخية واسعة النطاق ومنخفضة الشدة مع الحد الأدنى من الخسائر هو مسار العمل الأكثر قابلية للإدارة، وستساعد الهجمات الصاروخية واسعة النطاق ومنخفضة الشدة على استعادة هيبة إيران وفخرها الوطني مع إظهار قوتها دون تصعيد الصراع بشكل كبير.
مشاركة :