في السنوات الأخيرة، لعبت منصة «إيجار» دورًا هامًا في تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر، حيث أوجدت إطارًا موحدًا يهدف إلى حماية حقوق الطرفين. لكن، ومع كل الجهود المبذولة لتنظيم السوق العقاري، هناك انتقادات متزايدة تركز على غياب الضوابط الواضحة والمحددة فيما يتعلق بزيادة الإيجار بعد انتهاء العقد، في حين تعتمد بعض دول الخليج على مؤشرات عقارية محددة لتقييد نسب الزيادة، تترك منصة «إيجار» الباب مفتوحًا أمام الملاك لرفع الإيجارات دون سقف أو قيود تفرضها الجهات التنظيمية. غياب الضوابط الصارمة لرفع الإيجار بعد انتهاء العقد يؤدي إلى استغلال بعض الملاك لهذا الفراغ القانوني لرفع الإيجارات بشكل غير مبرر وغير منظم؛ ففي ظل غياب مؤشر أسعار العقارات في الأحياء والمناطق، يقوم الملاك بزيادة الإيجارات بما يتناسب مع مصالحهم الخاصة دون اعتبار للقدرة المالية للمستأجرين أو الظروف الاقتصادية العامة. هذا الوضع تسبب في خروج الكثير من الأسر من منازلها بحثًا عن سكن آخر يلبي احتياجاتها ويكون في متناولها المادي، مما يزيد من عبء البحث والتكاليف الإضافية. لم تقتصر التأثيرات السلبية لغياب الضوابط على الأسر فقط، بل امتدت إلى المحلات التجارية والمشروعات الصغيرة التي تعتمد على استقرار الإيجار لضمان استمرارية عملها، فقد اضطر العديد من أصحاب المحلات التجارية إلى إغلاق أعمالهم بسبب الزيادات المفاجئة في الإيجار التي فرضها بعض الملاك دون وجود أي قيود قانونية تضمن حقوق المستأجرين أو تحفظ لهم بيئة استثمارية مستقرة. هذه الظاهرة لا تؤثر فقط على التجار وأصحاب الأعمال، بل تمتد لتؤثر سلبًا على الاقتصاد المحلي من خلال زيادة معدلات البطالة وتراجع حركة الاستثمار. تُظهر بعض دول الخليج مثل الإمارات وقطر نموذجًا ناجحًا في تنظيم سوق الإيجارات من خلال وضع مؤشرات رسمية تحدد نسب الزيادة المسموح بها وفقًا لأسعار العقارات في كل حي أو منطقة. على سبيل المثال، تحدد دائرة الأراضي والأملاك في دبي نسبة الزيادة المسموح بها وفقًا لمؤشر الإيجارات الذي يتم تحديثه دوريًا. هذا النموذج يمنح المستأجرين وضوحًا ويحد من جشع بعض الملاك الذين يسعون إلى تحقيق أرباح سريعة دون مراعاة للأثر الاقتصادي والاجتماعي. إن غياب الضوابط المحددة في منصة «إيجار» يترك المستأجرين تحت رحمة القرارات الفردية للملاك، وهو ما يسبب حالة من الفوضى في السوق العقاري ويضر بالاستقرار الاجتماعي والاقتصادي. هناك حاجة ماسة لتبني نظام شفاف يعتمد على مؤشرات واضحة ومحددة لرفع الإيجارات وفقًا للأسعار السوقية في الأحياء المختلفة، بما يضمن حقوق الطرفين ويحقق التوازن في السوق العقاري. كما يجب أن تكون هناك آليات قانونية تضمن تنفيذ هذه القواعد بصرامة وتمنع أي تجاوزات يمكن أن تؤثر سلبًا على المستأجرين والاقتصاد بشكل عام. إن وجود نظام محكم لتنظيم رفع الإيجارات بما يتناسب مع الظروف الاقتصادية ويعتمد على مؤشرات أسعار العقارات في الأحياء هو ضرورة ملحة لضمان العدالة وحماية حقوق الجميع، ويتطلب الأمر تدخل الجهات التنظيمية لإعادة النظر في آليات عمل منصة «إيجار» وتطويرها بما يخدم المصلحة العامة ويحقق التوازن في السوق العقاري السعودي.
مشاركة :