إن تبني الجمعية العامة للأمم المتحدة، بالأغلبية الساحقة، قرار ينص على أن دولة فلسطين مؤهلة للعضوية الكاملة في الأمم المتحدة، وهو انتصار جديد للدبلوماسية السعودية التي تستمر في دعم القضية الفلسطينية بقوة وثبات. لم يكن لهذا القرار أن يرى النور لولا مكانة السعودية وثقلها السياسي ودورها المحوري في الضغط على المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته حيال إيجاد حلٍّ سياسيٍّ للأزمة الفلسطينية يستند على القرارات الدولية المتعلقة بحل الدولتين وتمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة. تنظر القيادة الفلسطينية بتقدير وامتنان للدور القيادي التاريخي الذي تلعبه السعودية في دعم القضية الفلسطينية وقيادة العمل العربي المشترك الرامي لإيجاد حل سياسي يكفل للشعب الفلسطيني الحصول على حقوقه المشروعة. منذ صدور البيان التاريخي للسعودية، الذي أبلغت فيه الإدارة الأمريكية بموقفها الثابت بأنه لن تكون هناك علاقات دبلوماسية مع إسرائيل ما لم يتم الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة، مارست الدبلوماسية السعودية، بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين لسمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، ضغوطاً دولية بهدف تحقيق هذا المطلب. وأظهر «المنتدى رفيع المستوى للأمن والتعاون الإقليمي» الذي عُقد بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، أولى علامات الاستجابة لضغوط السعودية الدولية، حيث توجهت عدد من دول الاتحاد الأوروبي للاعتراف بالدولة الفلسطينية. كما استثمرت السعودية استضافتها للمنتدى الاقتصادي العالمي الشهر الماضي لحشد رأي عام دولي تجاه الاعتراف بدولة فلسطين، حيث عقدت أربعة اجتماعات خلال 48 ساعة، قادت خلالها المجتمع الدولي للخروج بخطوات لإقامة الدولة الفلسطينية والاعتراف بها، وتوقيت وسياق هذا الاعتراف. استمرت المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وبتوجيه من ولي العهد -رئيس مجلس الوزراء- في توظيف ثقلها العربي والإسلامي والدولي عبر دبلوماسيتها الهادئة، وبالشراكة مع الأشقاء العرب والأصدقاء في العالم. وأثمرت هذه الجهود في إعلان دول وهي إسبانيا وإيرلندا اعتزامها الاعتراف بالدولة الفلسطينية، واعتزام دول مالطا وسلوفينيا إعلان اعترافها أيضاً. كما أدت هذه الضغوط إلى اتخاذ الولايات المتحدة قراراً بتعليق إرسال الأسلحة لإسرائيل إذا اجتاحت منطقة رفح. وتعود الجهود السعودية للاعتراف الدولي بدولة فلسطين لعقود من الزمن، وقد تمثلت في مراحل وأنشطة متعددة تشمل الدعم السياسي منذ بداية الصراع العربي الإسرائيلي، حيث كانت المملكة داعمة قوية للقضية الفلسطينية على الساحة الدولية. ولعبت دوراً رئيسياً في تشكيل موقف العالم العربي والإسلامي تجاه القضية الفلسطينية من خلال جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي. وقدمت المملكة مبادرات دبلوماسية عديدة لدعم الاعتراف بدولة فلسطين، أبرزها مبادرة الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- «مبادرة السلام العربية» التي أطلقت في قمة بيروت عام 2002م، والتي دعت إلى انسحاب إسرائيلي كامل من الأراضي العربية المحتلة منذ عام 1967 مقابل الاعتراف الكامل بإسرائيل من قبل الدول العربية والإسلامية، بما في ذلك الاعتراف بدولة فلسطين المستقلة. ولا ينسى الشرفاء الفلسطينيون ما قدمته مملكتنا من دعم مالي كبير للسلطة الوطنية الفلسطينية وللشعب الفلسطيني. شمل هذا الدعم مساعدات مباشرة للحكومة الفلسطينية وكذلك دعم مشروعات تنموية وإنسانية في الضفة الغربية وقطاع غزة وشتى المناطق الفلسطينية. عملت المملكة على التنسيق مع الدول الكبرى والمؤسسات الدولية لدعم الاعتراف بدولة فلسطين. كانت الدبلوماسية السعودية نشطة في الأمم المتحدة وفي المحافل الدولية الأخرى لدفع القضية الفلسطينية للواجهة وجذب الدعم الدولي. دائماً ما تؤكد المملكة في جميع المحافل الدولية على حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. هذه المواقف تأتي في سياق تصريحات رسمية وخطابات القادة السعوديين. كما دعمت المملكة الفلسطينيين في المحاكم الدولية وفي مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، مطالبة بمحاسبة إسرائيل على انتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة. تستمر الجهود السعودية في السعي لتحقيق الاعتراف الكامل بدولة فلسطين رغم التحديات السياسية والدبلوماسية الكبيرة في المنطقة وعلى المستوى الدولي. ومواصلة لجهود المملكة بقيادة الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان لدعم القضية الفلسطينية على كافة الأصعدة تحت قيادتهم، تعمل المملكة على تعزيز الوحدة العربية والإسلامية في مواجهة التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية، والدفع نحو إيجاد حل دائم وعادل يكفل للشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة. وفي هذا السياق، من الجدير بالذكر أن الناكرين لجهود المملكة من بعض الأفراد الذين يدعون الانتماء للشعب الفلسطيني أو المرتزقة ومن ينتسبون إلى الجماعات الإرهابية، لا يمثلون الشعب الفلسطيني ولا السلطة التشريعية الفلسطينية. الجميع يعرف خططهم وكذبهم، والمملكة مستمرة في مسيرتها الداعمة للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، بغض النظر عن هذه الأصوات التي تسعى لتشويه الحقائق وتقويض الجهود الصادقة. إن الدبلوماسية السعودية، بقيادة الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، تظل نموذجاً للدبلوماسية الفعالة والمستدامة التي تجمع بين الثقل السياسي والدبلوماسي والاقتصادي لتعزيز السلام والعدالة في المنطقة.
مشاركة :