دلالات احتضان المدينة المنورة للمتحف الإسلامي والتاريخي | عاصم حمدان

  • 5/3/2016
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

* جاءت رؤية السعودية (2030) والتي وافق عليها مجلس الوزراء السعودي والتي كانت حصيلة دراسات متعمقة قام بها ورسم ملامحها مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية برئاسة وتوجيه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد متوائمة مع تطلعات المجتمع السعودي الذي تحتضن أرضه أعظم المقدسات الإسلامية في مكة المكرمة والمدينة المنورة وهو ما تفخر به هذه الدولة منذ تأسيسها على يد المغفور له الملك عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- كما ذكرت هذه الرؤية المتعمقة بأننا نفتخر بإرثنا الثقافي والتاريخي السعودي والعربي والإسلامي. * وتجسيدًا لهذا الإرث والحفاظ عليه فإنه سوف يتم تأسيس متحف إسلامي يبنى وفق المعايير العالمية ويعتمد أحدث الوسائل في الجمع والحفظ (العرض والتوثيق) وكما استمعت شخصيًا إلى قناة العربية يوم الاثنين الموافق 18 رجب، 1437هـ عند تقديم تلك الرؤية بأن مقر هذا المتحف سوف يكون في المدينة المنورة حيث تأسس أول مجمع إسلامي والذي شهد أيضًا ولادة أول وثيقة حقوق إنسان في العالم والتي أطلقت عليها المصادر المتخصصة مسمى «كُتّاب الرسول صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار واليهود». * ويجدر بنا هنا أن نذكر أو نشير إلى أهم المرتكزات التي يأمل الكثير أن يقوم عليها هذا المركز في نشأته المباركة وهو الاعتناء بالمخطوطات النادرة التي تحتوي عليها مكتبات المدينة المنورة العامة والمتخصصة مثل: عارف حكمت، والمحمودية، ومكتبة الحرم النبوي الشريف، ومكتبة المصحف الشريف والتي تحتوي هي الأخرى على آثار هامة كما يذكر الباحث في تاريخ المدينة الرائد عبدالقدوس الأنصاري في سفره الهام (آثار المدينة المنورة). * توثيق أهم المواضع الأثرية التي تعتبر ضرورية لفهم أحداث السيرة النبوية وسيرة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل: سقيفة بني ساعدة، ودار أبي أيوب الأنصاري، إضافة إلى المواقع الأثرية حول جبل أحد وسلع، والجماوات، وقد أكد الباحث في التاريخ الإسلامي (محمد حميد الله) وجود كتابات أثرية في جبل سلع شمال المدينة تعود إلى العصر الإسلامي الأول ويمكن الرجوع في ذلك إلى كتابه الهام باللغة الإنجليزية في هذا الشأن والموسوم Islamic-culture والمطبوع في حيدر أباد، أكتوبر 1939م، ولعل ما قام به الباحث حميد الله كان حافزًا لتوفر الجيل الأول من الباحثين في تاريخ المدينة المنورة، أمثال الأساتذة عبدالقدوس الأنصاري والسيد عبيد مدني وأحمد ياسين خياري وعلي حافظ وإبراهيم العياشي لتتبع ما بقي من تلك الآثار من دور وحصون وبلاطات وجبال وعيون وغير ذلك، ولا تزال بعض المساجد الأثرية مثل مساجد أبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، ومسجد المصلى، ومسجد الفتح تحتفظ بنمط العمارة الإسلامية الأصيلة وجددت على مر العصور بدءًا من العصر المملوكي، ومرورًا بالعثماني وانتهاءً بالعصر السعودي الزاهر، ولاشك بأن هذا الاهتمام بالإرث التاريخي لهذه الأرض والذي يمتد بعضه إلى ما قبل ظهور الدين الخاتم سوف يشهد انتفاضة تزيح عنه ما تراكم عبر العصور من توجسات هي أبعد ما تكون عن الواقع مذكرين -فقط- في هذا الشأن بأن المسلمين طوال مدة حكمهم ووجودهم في البلاد التي فتحوها بالكلمة الطيبة والسلوك الإسلامي المتسامح، بأنهم لم يتعرضوا لآثار الأمم الأخرى بالإزالة أو الهدم، بل حافظوا عليها اتساقًا مع سلوكيات الرسول صلى الله عليه وسلم وسلوكيات أصحابه رضوان الله عليهم من بعده، ولقد آن الوقت لننفض الغبار عما تبقى من آثار وشواهد تاريخية، حتى تتمكن الأجيال القادمة من الوقوف على تاريخ الأمة الحضاري والفكري والثقافي والله ولي التوفيق.

مشاركة :