لا يبدو أن العام الحالي سيمضي دون تطورات سياسية كبرى، فبعد مرور أكثر من عامين على نشوب الحرب الروسية - الأوكرانية التي تتطور لمراحل خطيرة تندر بتوسعها أو احتمال اللجوء لأسلحة غير تقليدية مع توجه الغرب بقيادة أمريكا لمنح أوكرانيا صواريخ تصل للعمق الروسي، لتظهر مجدداً ملامح مواجهة واستعراض قوة في بحر اليابان. لكن هذه المرة بمناورات صينية - روسية اعتراضا على توجه أمريكا لنشر صواريخ في اليابان، إذ يمكنها إصابة أهداف بعيدة المدى، فالعالم تحت وقع صدمة عودة الحروب لأوروبا واحتمال اندلاعها بشرق آسيا، وخاصة بعد هذا التحرك الأمريكي الذي دفع الصين وروسيا للرد بتعميق العلاقات الاستراتيجية بينهما بشكل أكبر، على اعتبار أن العدو واحد. وقاد هذا التحرك إلى مناورات بحرية روسية - صينية في بحر اليابان ستشارك فيها مئات السفن وكذلك الطائرات وعشرات الآلاف من جنود كافة فروع قواتهم العسكرية، وسط تصاعد التوترات مع الولايات المتحدة، فقد كان توجه روسيا والصين لمناورات عسكرية مشتركة في بحر اليابان، ضمن التدريبات الاستراتيجية «أوشن-2024»، التي تعد الأكبر منذ ثلاثة عقود. وافتتح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هذه التدريبات بإدانة سياسات الولايات المتحدة، التي اعتبرها تهديدًا لتوازن القوى في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، حيث تأتي هذه التدريبات وسط تصاعد التوترات الإقليمية، وخاصة مع اليابان التي أبدت قلقها من تعزيز النفوذ العسكري الصيني. فهل روسيا والصين تعتزمان الرد على نشر صواريخ أمريكية في اليابان؟. وهل سيقتصر ردهما على الصعيد السياسي فحسب بعدما نشرت الولايات المتحدة صواريخها في اليابان؟. وما خطورة التحالف بين روسيا والصين على أمريكا بعد التصعيد الأخير؟ فمن خلال هذا المشهد سيكون رد فعلهما لما هو أبعد من الصعيد السياسي، وهو شيء دأبت الدولتان على تأكيده». بينما حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الولايات المتحدة من محاولات إخضاع روسيا ببناء قوة عسكرية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، إذ إنها ستزيد بشكل كبير من قوة الصراع، مع تضاعف تكلفة الحوار للسلام، وانبعاث لاحتمالات حرب بشكل كبير، وستوفر مزيدا من التوتر وأساليب بديلة للتهديد؛ مما يجعل روسيا والصين يستخدمان «الخطة البديلة» ضد أمريكا وحلفائها، وهذا يعني بشكل كبير بتوسع رقعة الصراع الروسي - الأوكراني، واليابان والصين قد تجران إليه، فبعد التلميح الأمريكي باحتمالية نشرها نظام صواريخ «تايفون» في اليابان لإجراء مناورات مشتركة، ردّت روسيا بأنها ستوحد قوتها مع الصين لترد على أي تهديدات، فإلى أين سيتجه العالم بعد هذه الصراعات؟. إن ما يحتاج إليه العالم ليس مخزناً للتقنية والمعرفة فقط، بل مخزناً للسلام لا يقدم إجابات فقط بل يدفع إلى طرح الأسئلة، لماذا تحمل الجيوش مشاعل حارقة تحرق كل شيء وصلت له الدول المتطورة وتقوم بتدميرها ونقل الحرب إليها، يحتاج العالم إلى شيء يسلط الضوء على حقائق مرعبة بالفعل، عندما تخوض الدول الكبرى رحلة الحرب والشروع في تدمير الإنسان.
مشاركة :