التحق صموئيل مارينوس زويمر(1867-1952م) بالإرسالية الأمريكية في الخليج العربي التي كانت مهمتها الدعوة إلى التنصير تحت غطاء الخدمة الطبية فكان أحد المنصّرين المشهورين في البصرة والبحرين ومسقط وأماكن أخرى بين (18911905م) ولكن مهمته فشلت فشلاً ذريعاً ولم يفلح في تنصير أحد من العرب، وقد نشر زويمر حوالي 45 كتاباً أهمها (جزيرة العرب: مهد الإسلام) الصادر سنة 1900م وكتابه (بلاد رأساً على عقب) وكتابه الذي سنتحدث عنه هنا (رحلات متعرجة في بلاد الإبل) الصادر سنة 1911م والذي ترجمه أحمد إيبش ضمن سلسلة رواد المشرق العربي التي تصدرها دار الكتب الوطنية بهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة سنة 2012م. يذكر زويمر في مستهل كتابه متجاهلاً بغباء تأثير التضاريس وموارد المياه في الصحراء القاحلة في تحديد الطرق: إن العرب مثل الجمل لا يحبون الطرق المستقيمة فلم تكن الطرقات أبداً متوازية أو بمنعطفات قائمة ولكنها تمتد عرضياً بكل أشكال الطرق ما عدا أقصرها! ويشير إلى أنه على الرغم من وجود رحّالين جالوا في أركان الجزيرة العربية رغبة في اكتشافها مثل نيبور وبوركهارت وبيرتون وبالجريف وداوتي إلا أنه لم يقم أحد من المنصّرين باجتياز جزيرة العرب مع أنهم قاموا برحلات في الداخل وعلى الساحل ولذا فالجزيرة العربية بالنسبة إليه في ذلك التاريخ لا زالت مجهولة لدرجة أن لديه خرائط عن القطب الشمالي وحتى عن سطح القمر أكثر من المنطقة الممتدة من جنوب شرق إلى وسط جزيرة العرب وقد أرجع الأسباب إلى الصحاري الموحشة والخوف من البدو وامتعاض المسلمين من المسيحيين! وهو يصف جزيرة العرب ب(بلاد الجِمال) و(أم الإبل) ويؤكد أنه لا يمكن مشاهدة الجمل بكامل جماله إلا في هذه البلاد، ويذكر أن هناك علاقة وثيقة بين الجمل وجزيرة العرب لدرجة أنك لا تستطيع فهم العرب أو لغتهم دونه، فدون الجمل تصبح الحياة في جزء كبير من جزيرة العرب مستحيلة، ودون الجمل تفقد اللغة العربية بحد ذاتها الكثير من التعابير والكلمات وربما الكثير من أصواتها الصعبة، وعندما تتصفح قاموساً للغة العربية لا بد لك أن ترى في كل صفحة ذكراً لسفينة الصحراء الجميلة هذه وشيئاً عن حياتها، لقد أعطاه العرب خمسة آلاف وسبعمئة وأربعة وأربعين اسماً مختلفاً وليس بالنسبة للغة العربية فحسب بل بكل اللغات. ليسهب في وصف الجمل قائلاً طالما الجمل على قيد الحياة فهو يعطي الوقود والحليب والوبر الممتاز لصناعة الخيام والحبال والأغطية وعندما يهرم يأكل العرب لحمه ويستعملون جلده لصنع الأحذية وعظام كتفه لصنع الألواح للدارسين. وبصفة عامة فإن زويمر في هذا الكتاب كسائر كتبه لم يستطع الانفكاك من دوره التنصيري ولذا فهو يعمد إلى الدس المغرض في كتاباته مثل قوله عن اليمن: "... ولو كان الشعب مسيحياً لكان من أكثر المناطق سعادة في العالم"! تناول هذا الكتاب وصف لرحلة زويمر في اليمن 1893م، ورحلة من البحرين في 1901م إلى أبوظبي فدبي ثم الشارقة ومنها إلى لنجة البحرين عبر فيها عن إعجابه بحاكم أبوظبي الشيخ زايد الكبير وسجاياه الكريمة، ثم رحلة أخرى من الشارقة إلى صحار مايو 1900م، ورحلة من البحرين إلى أبوظبي في مايو1901م ومنها على ظهر جمل إلى البريمي ثم صحار ومنها إلى مسقط ويذكر أن هذه الرحلة كانت أطول رحلة برية قام بها في حياته، ثم رحلة من البحرين إلى دارين والقطيف سنة 1901م.
مشاركة :