رحلة إلى الخليج العربي - قاسم الرويس

  • 6/4/2014
  • 00:00
  • 23
  • 0
  • 0
news-picture

ظل التنافس بين الدول الأوروبية العظمى خلال القرن التاسع عشر الميلادي على مناطق آسيا ومنها الخليج العربي قائما في ظل تنطوي عليه الرهانات السياسية في بسط نفوذها، حيث فقد فتحت خلال تلك الفترة طرق الاتصال بين أوروبا والهند عبر السويس وحدثت القطيعة السياسية بين فارس وانكلترا وسقطت الدولة السعودية الأولى وأطلق العنان للتجارة مع الصين وحدثت القطيعة بين السلطان وباشا مصر. وبين يدينا كتاب أشبه ما يكون بسجل تاريخي يتسم بتعدد المجالات وتنوع الموضوعات عمل مؤلفه فيه على الملاحظة الدقيقة وحاول تفسير شتى الظواهر وحرص على إعمال حسه النقدي حيث وجه نقده للإنكليز ولبني وطنه، فهو من المصادر المهمة للباحثين ويعطي تصوراً مفيداً للنشاط السياسي للدول الأوروبية في المنطقة من وجهة نظر فرنسية. وكان مؤلف الكتاب الفرنسي فيكتور فونطانيي قد تلقى أمراً بالتوجه إلى منطقة الخليج العربي في عام 1834م كي ينقل للحكومة الفرنسية ما كانت تحتاج إليه من معلومات حول الأقاليم الجنوبية من فارس وتركيا وكان يفترض أن يمنح صفة رسمية تكون حماية له فاتفق المسؤولون على أن يمنح صفة العميل التجاري بعيداً عن الصفات الدبلوماسية الرسمية، وقد وضع كتابه المعنون (رحلة إلى الخليج العربي عبر مصر والبحر الأحمر) حيث اتخذ لفظ الرحلة عنواناً لكتابه لأن الكتاب كما قال يتحدث عن بلدان أجنبية زارها وأقام بها وانصب حديثه على السياسة والتجارة لأنه كان مكلفا بمتابعة مصالح بلاده في هذا الشأن في مناطق آسيا، على أنه أشار إلى أن عناية فرنسا بقضايا الشرق ليست بالحجم الذي يتصوره الناس، ويشير المؤلف إلى أن كثيراً من توقعاته السياسية من خلال قراءته للأحداث ومعايشته لها قد تحقق حيث أكد أن الانجليز سيهيمنون على منطقة الفرات وهو ماحدث فعلاً، كما أعلن أن القطيعة بين إنجلترا وفارس أمر لا مناص منه فحدث الأمر كما توقع، وحذر من مطامع الإنجليز في عدن فاستولى عليها الانجليز في عام 1839م وغير ذلك من الأحداث السياسية التي عاصرها. جاء الكتاب في ثمانية عشر فصلاً واثنتي عشرة وثلاث مئة من الصفحات تناول خلالها تفاصيل رحلته الطويلة منذ مغادرة فرنسا إلى مصر وحديثه المفصل عن مصر ومحمد علي باشا وإبراهيم باشا ثم مغادرته القاهرة إلى القصير ومنها إلى جدة عبر البحر الأحمر حيث تحدث عن الحج والحجاج والحياة التجارية في جدة ثم مغادرته جدة إلى بومباي عبر اليمن وبعد وصوله إلى بومباي ينتقل إلى بندر عباس وبوشهر ومنها إلى العراق التي تناول بإسهاب أوضاعها في تلك الفترة ثم يؤرخ المؤلف للحرب على المحمرة. وأخيراً فيجدر التنبيه إلى أن مؤلف الكتاب هو في الأصل عالم طبيعيات احترف العمل الدبلوماسي وله عدد من المؤلفات في أدب الرحلات منها (رحلات إلى الشرق) وهي أسفار قام بها بأمر الحكومة الفرنسية ما بين 1821 1829م، ومنها (رحلة إلى الشرق ما بين 18311832م) ومنها (رحلة إلى أرخبيل الهند). أما الكتاب الذي عرضناه في هذا المقال فقد صدر عن هيئة أبوظبي للثقافة هذا العام بترجمة محمد سعيد الخلادي ومراجعة فريد الزاهي.

مشاركة :